التقرير الحقوقي في السعودية يناير 2024م

أصدرت وحدة الرصد في مؤسسة ذوينا تقريرها الشهري المتعلق بحقوق الإنسان ومعتقلي الرأي في المملكة العربية السعودية، حيث قامت برصد وتوثيق الأحداث التي جرت خلال شهر يناير 2024 م.

حصل خلال شهر يناير العديد من الأحداث المتعلقة بملف حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي في السعودية، حيث شهدت هذه الفترة بعض الاعتقالات والانتهاكات التي تعرض لها معتقلي الرأي، بالإضافة إلى قيام السلطات السعودية بالإفراج عن بعض معتقلي الرأي وتعنت هذه السلطات ورفضها الإفراج عن كثير منهم ممن انتهت محكومياتهم، سيأتي هذا التقرير الحقوقي ليسلط الضوء على المستجد والرئيسي منها على النحو التالي:

الاعتقالات:
فهد رمضان:
في يناير تم الكشف عن قيام السلطات السعودية باعتقال الشاب اليمني المقيم في هولندا فهد رمضان أثناء قدومه لأداء مناسك العمرة وذلك في 20 نوفمبر 2023م، جاء هذا الاعتقال عقب حملة تحريضية شنها الذباب الإلكتروني ضده عقب تسريب محادثات خاصة عبر تطبيق الواتساب منتقداً فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هذا ولم يصدر عن السلطات السعودية أي بيان رسمي يوضح فيه سبب الاعتقال أو مكانه أو قيام السلطات القضائية بإصدار مذكرة اعتقال بحقه، وهو الأمر الذي يجعل هذا الاعتقال تعسفياً.

الإفراجات:
لا تزال الإفراجات التي تقوم بها السلطات السعودية محدودة جداً، إذ أنها ترفض الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين الذين انتهت محكومياتهم، أو من لم يصدر بحقهم حكم قضائي يدينهم ولا زالوا رهن الاعتقال التعسفي، وخلال شهر يناير قامت السلطات السعودية بعدد من الإفراجات نوردها كما يلي:
شادي فليان:
قامت السلطات السعودية بالإفراج عن الشيخ الفلسطيني شادي فليان بعد اعتقال دام عدة أشهر.
وكان الشيخ فليان فد رفع ورقة في الحرم أثناء ذهابه لاداء مناسك العمرة يطالب بيها بالإفراج عن أخيه السجين السياسي باسل فليان، فقامت السلطات السعودية باعتقاله والزج به في سجونها.

أمل علي حسن غالي:
أفرجت السلطات السعودية عن الناشطة أمل علي حسن غالي التي اعتقلتها في أبريل 2019 على خلفية نشاطها في العمل الإنساني.
وظلت أمل غالي رهن الاختفاء القسري منذ تم اعتقالها، ولم تستطع عائلتها معرفة شيء عنها أو عن ظروف اعتقالها، وهو الأمر الذي ضاعف معاناتهم وزاد من خوفهم وقلقهم عليها.

عدد من المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين:
أفرجت السلطات السعودية، عن أربعة فلسطينيين وأردنيين كانوا قد اعتقلوا بتهمة دعم المقاومة الفلسطينية.
وشمل الإفراج رجل الأعمال الفلسطيني جمال خضر الداهودي، الذي اعتقلته السلطات في فبراير 2019 من مدينة جدة، ثم حكم عليه بالسجن مدة 15 عاماً بالإضافة إلى ترحيله فور انتهاء محكوميته.
كما أفرجت السلطات عن الفلسطيني محمود غزال، الذي اعتقلته عام 2018 من مدينة جدة، وحكمت عليه بالسجن 12 سنة مع إيقاف تنفيذ نصف المدة، ثم ترحيله فور انتهاء محكوميته.
وشمل الإفراج أيضاً عن الأردني ماهر شعبان الحلمان، الذي تم اعتقاله عام 2018 من مدينة جدة، وحكم عليه بالسجن مدة 6 سنوات، بالإضافة إلى ترحيله فور انتهاء محكوميته.
كما أفرجت السلطات السعودية عن الفلسطيني أدهم غزال، الذي اعتقل في أبريل 2019، و لم تصدر المحكمة بحقه أي حكم، إلا أن السلطات السعودية ظلت تماطل في الإفراج عنه.
وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت العشرات من الفلسطينيين والأردنيين خلال عامي 2018/2019 بتهمة دعم المقاومة الفلسطينية، واصدرت بحق عدد منهم أحكاماً قضائية تراوحت بين 22 سنة و 4 سنوات.

الانتهاكات
كثيرة هي الانتهاكات التي تمارسها السلطات السعودية بحق العديد من معتقلي الرأي، فما بين الإخفاء القسري والإهمال الطبي والتعذيب الجسدي والنفسي واستمرار الاعتقال بدون أي أحكام قضائية ومنع أهالي بعض معتقلي الرأي من التواصل مع ذويهم أو توكيل محام للدفاع عنهم أمام المحكمة، وعلى الصعيد الخاص فقد شهد شهر يناير عدداً من قضايا الانتهاكات بحق عدد من معتقلي الرأي، نورد أهمها على النحو التالي:
تجاهل الاعتداء على الناشط الحقوقي وليد أبو الخير:
تعرض الناشط الحقوقي البارز وليد أبو الخير للاعتداء بالضرب من قبل أحد السجناء، فيما إدارة السجن تتجاهل الأمر معتبرة هذا الاعتداء حادثاً عرضياً.
وكانت السلطات السعودية قد قامت بنقل العديد من معتقلي الرأي إلى الزنازين التي يتواجد فيها العديد من السجناء التكفيريين والمتهمين بالقتل متجاهلة الخطر الذي قد يقع عليهم.
يذكر أن السطات السعودية قد قامت بنقل وليد أبو الخير إلى  الجناح المشدد رقم 42 في سجن الحائر بعد رفضه لبرنامج المناصحة.
وكان وليد أبو الخير من أوائل الناشطين الحقوقيين الذين بادروا بمطالبة السلطات السعودية بتغيير النظام الحالي من ملكية مطلقة إلى ملكية دستورية عبر بيان بعنوان “معالم في طريق الملكية الدستورية” وبسبب نشاطه الحقوقي والإصلاحي تم اعتقاله من منزله بمدينة جدة والزج به في السجون في أبريل 2014م.
تعرض وليد في السجن للعديد من الانتهاكات، ومن ذلك: التعذيب والضرب المبرح على ظهره والسحب بالسلاسل كما أفادت بذلك زوجته لعدد من المنظمات الحقوقية.

الأحكام التعسفية:
وخلال شهر يناير لم تصدر السلطات السعودية أية أحكام جديدة بحق معتقلي الرأي، فيما لا تزال هذه السلطات تماطل في حسم قضايا العديد من معتقلي الرأي قانونياً، إذ لم يتم عرضهم على محاكم، ولم يصدر بحقهم أحكامًا تدينهم، ومن هؤلاء الشيخ عامر المهلهل المعتقل منذ أكتوبر 2020م على خلفية إدارته حسابات د. عبدالله بصفر المعتقل في سجون السلطات السعودية. 

تفاعلات حقوقية:
منظمة العفو الدولية:
دعت منظمة العفو الدولية السلطات السعودية إلى إطلاق سراح الناشطة الحقوقية سلمى الشهاب، وذلك في الذكرى السنوية الثالثة لاعتقالها.
وقالت منظمة العفو “في مثل هذا اليوم قبل ثلاث سنوات، اعتقلت السلطات السعودية سلمى الشهاب، طالبة دكتوراه وأم لطفلين. حُكمَ عليها بالسجن 27 عامًا ومُنعت من السفر لمدة 27 عامًا لنشرها تغريدات تدعم حقوق المرأة. يجب إطلاق سراحها فورًاً”.
وكانت السلطات السعودية قد أقدمت على اعتقال الشهاب في ال 15 من يناير عام 2021 على خلفية تغريدات طالبت فيها بالإصلاح والإفراج عن معتقلي الرأي.
يذكر أن المحكمة الجزائية المتخصصة كانت قد أصدرت حكماً بقضي بسجن سلمى مدة ست سنوات، لتقوم بعدها محكمة الاستئناف بتغليظ الحكم ليصبح 34 عاماً، وهو الأمر الذي لاقى انتقادات كبيرة من عدد من المنظمات الحقوقية العاملة في مجال حقوق الإنسان، ليجري لاحقاً تخفيف الحكم إلى 27 عاماً.

ختاما:
ما يزال معتقلي الرأي في سجون السلطات السعودية يمارس بحقهم صنوفاً كثيرة من الانتهاكات فما بين الإخفاء القسري إلى الامتناع عن الإفراج عمن انتهت محكوميتهم، ومروراً بالتعذيب الجسدي والنفسي وإساءة المعاملة ، وما تزال السلطات السعودية أيضاً ممثلة بالنيابة العامة تطالب بإعدام العديد من المعتقلين وما يزال شبح الإعدام يلاحق عدداً منهم ممن صدر بحقهم حكم الإعدام.
مؤسسة ذوينا ومن خلال تقريرها الشهري تؤكد على وجوب الإفراج عن كل معتقلي الرأي وبصورة عاجلة وغير مشروطة وذلك تأكيداً على أن التعبير عن الرأي ليست جريمة، ولا تستحق أن يحكم بسببها على أحد بالسجن أو التضييق ناهيك عن الإعدام، وتؤكد على أن ملف حقوق الإنسان في السعودية يشهد حالة من الاعتداء والانتهاك بشكل غير متناسب والتصريحات التي تصدر عن مسؤولين سعوديين التي تؤكد التزام السعودية بما صادقت عليه من المواثيق والاتفاقات المتعلقة بملف حقوق الإنسان، وتؤكد أيضا أن عائلات معتقلي الرأي يعيشون في ضيق وعوز بعد تأثر وضعهم الاقتصادي والاجتماعي والنفسي جراء اعتقال ذويهم.

وتناشد مؤسسة ذوينا جميع المنظمات العاملة في حقل حقوق الإنسان على مواصلة الضغط على السلطات السعودية للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين ووضع حد لمعاناتهم ومعاناة أسرهم..

المزيد من الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى