التقرير الحقوقي في السعودية لشهر سبتمبر 2023

أصدرت وحدة الرصد في مؤسسة ذوينا تقريرها الشهري المتعلق بحقوق الإنسان ومعتقلي الرأي في المملكة العربية السعودية، حيث قامت برصد وتوثيق الأحداث التي جرت خلال شهر سبتمبر 2023م.

حصل خلال شهر سبتمبر العديد من الأحداث المتعلقة بملف حقوق الإنسان ومعتقلي الراي في السعودية، حيث شهدت هذه الفترة العديد من الانتهاكات التي تعرض لها معتقلي الراي بالإضافة إلى استمرار الاختفاء القسري لعدد من المعتقلين بعضهم ممن انتهت محكوميتهم، بالإضافة إلى عدد من القضايا سيأتي هذا التقرير الحقوقي ليسلط الضوء على المستجد والرئيسي منها على النحو التالي:

الإفراجات:

لم تقم السلطات السعودية في شهر سبتمبر 2023م بالإفراج عن أي من معتقلي الرأي بناء على ما تم رصده، وعلى الرغم من انتهاء محكومية العديد من معتقلي الرأي إلا أن السلطات السعودية لم تقدم بالإفراج عنهم، بل قامت بالإخفاء القسري في حق بعضهم ومنهم :

ربيع حافظ وهو شاب سعودي اعتقلته السلطات السعودية في  14 سبتمبر من عام 2017م،  دون أي مبررات قانوني وفي 10 سبتمبر 2020م، وبعد مرور 3 أعوام أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكماً بسجنه مدة ثلاث سنوات ،وانتهت محكوميته في هذا الشهر، ولم تقم السلطات السعودية بالإفراج عنه حتى هذه اللحظة.

الانتهاكات

لا تزال السلطات السعودية تمارس الانتهاكات بحق العديد من معتقلي الرأي، فما بين الإخفاء القسري والإهمال الطبي والتعذيب الجسدي والنفسي واستمرار الاعتقال بدون أي أحكام قضائية ومنع أهالي بعض معتقلي الرأي من التواصل مع ذويهم أو توكيل محام للدفاع عنهم أمام السلطات القضائية، وعلى الصعيد الخاص فقد شهد شهر سبتمبر عدداً من قضايا الانتهاكات بحق عدد من معتقلي الرأي نورد أهمها على النحو التالي:

د. محمد موسى الشريف

منذ 11 سبتمبر عام 2017م وضمن موجة اعتقالات سبتمبر ما يزال الدكتور محمد موسى الشريف في سجون السلطات السعودية، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً ويعاني الدكتور الشريف من تدهور حالته الصحية وسط إهمال طبي متعمد في سجون السلطات السعودية، كان آخرها أن أجرى عملية فتق ثم وبإهمال متعمد، وبعد إجراء العملية حين عاد إلى زنزانته يتفاجأ أن الغرفة بلا سرير؛ مما أضطره إلى الاستلقاء على الأرض فزادت معاناته وزاد ألم العملية الجراحية التي أجراها عليه، كما حرمته إدارة السجن من الماء لمدة طويلة حتى وصل الحاله إلى درجة من الصراخ والأنين يناديهم لمرات طالباً الماء وسط حالة من العطش الشديد دون استجابة.

مناهل العتيبي:

تعرضت الشابة مناهل العتيبي لاعتداء جسدي، حيث أقدمت احدى السجينات على مباشرة الاعتداء عليها بقص شعرها وضربها وتهديدها بالقتل، وعندما قامت مناهل العتيبي بإبلاغ إدارة السجن بما حدث لها، قاموا بنقلها في زنزانة انفرادية؛ حتى تختفي علامات الاعتداء.

نايف بن تركي وأخويه سلمان وفهد

ابتدأ المعتقلين الثلاثة إضراباً مفتوحا عن الطعام منذ ال 25 من شهر سبتمبر 2023م؛ احتجاجاً على الاعتقال غير المبرر وعلى المعاملة السيئة التي يتعرضون لها في السجن، ويتعرض الأخوة الثلاثة لعدد من الانتهاكات على يد مدير سجن الملز العميد جابر المطيري الذي يقوم بنقلهم بين زنازين حارة وباردة ويعاملهم بصورة سيئة للغاية.

مهند الصبياني:

مهند الصبياني أحد منتسبي الحرس الوطني، والذي كان يعمل في قسم الاستخبارات في الحد الجنوبي، والذي قدم شهادته على عدد من الانتهاكات التي مورست بحق الأسرى والمهاجرين، وشملت شهادته عدداً من الممارسات والجرائم التي يرتكبها النظام السعودي منها: القصف العشوائي الذي كان يتسبب في قتل عدد كبير من الأبرياء والمدنيين والقتل المتعمد للأسرى والمهاجرين وسوء المعاملة. كما ذكر أنه تم قتل عدد من الجنود بنيران صديقة؛ الأمر الذي دفعه لرفع مذكرة للجهات العليا والتي لم تتجاوب معه؛ مما اضطره لرفعها إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي تفاجأ بعد ذلك بنقله إلى الرياض، وسجنه لمدة أسبوع تعرض خلالها للضرب والشتم والتهديد.

تعرض مهند الصبياني للمنع من السفر وإيقافه عن العمل لمدة ستة أشهر قبل إعادته للعمل في مناطق مختلفة، وبعد عام تعرض مهند الصبياني لمحاولة اغتيال من خلال طلق ناري وقت خروجه من منزله؛ مما دفعه لرفع بلاغ إلى الجهات المختصة التي أغلقت البلاغ وقيدته ضد مجهول.

وفور إعلان انشقاقه قامت السلطات السعودية باقتحام منزله وتفتيشه والتحقيق مع عائلته وتهديهم في حال تواصلوا معه.

الأحكام التعسفية:

د. عبدالعزيزالفوزان:

وخلال شهر سبتمبر وفي الوقت الذي كان يتطلع فيه الدكتور عبدالعزيز الفوزان للإفراج عنه بعد نقله من السجن إلى دار الاستراحة منذ مدة تجاوزت السنة والنصف، إذ بالقضاء السعودي يقرر إعادة محاكمته؛ لتبدأ من جديد سلسلة المعاناة التي يعيشها هو وعائلته بغيابه في سجون السلطات السعودية. 

ويقضي الدكتور عبدالعزيز الفوزان في سجون السلطات السعودية منذ 2018-07-30م، على إثر بعض التغريدات التي أبدى فيها رأيه في بعض القضايا الاجتماعية العامة.

منال الغفيري:

حين كانت طالبة في المرحلة الثانوية بعمر السابعة عشر كتبت منال تغريدات عبرت فيها عن رأيها؛ فقامت السلطات السعودية باعتقالها وزجها في السجون، ثم حكمت عليها في أغسطس الماضي بالسجن لمدة 18 عاما.

تفاعلات حقوقية:

أصدرت موسسة ذوينا لحقوق الإنسان بياناً مشتركاً مع عدد من المنظمات الحقوقية ضد حكم الإعدام الصادر بحق محمد الغامدي، أدانت فيه هذا الحكم الذي يأتي كانتهاك صارخ لحقوق الإنسان نتيجة قيامه بكتابة بعض التغريدات معبراً فيها عن رأيه، وذكر البيان عدداً من الانتهاكات التي تعرض لها الغامدي، داعياً إلى التعامل بجدية لوقف هذه الانتهاكات الصارخة لكل المواثيق والعقود والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان، داعية النظام السعودي للإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط.

وما تزال قضية الحكم بالإعدام الذي أصدرته المحكمة الجزائية المتخصصة بحق المعتقل محمد الغامدي يثير تفاعلات حقوقية عالمية كثيرة منها:

قامت وزارة الخارجية الأمريكية بإجراء عدة مراسلات مع مسؤولين سعوديين للسؤال عن حقيقة ما يدور في وسائل الإعلام حول الحكم بالإعدام بحق الغامدي نتيجة عدد من التغريدات على منصة أكس (تويتر سابقاً).

وفي مقابلة لقناة فوكس نيوز مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أقر بصدور حكم الإعدام قائلاً: من المؤسف هذا صحيح، وألقى باللوم على القوانين السيئة، مع أن حكم الإعدام الصادر بحق الغامدي صدر بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر في عام 2017م بعد وصول الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة.

كما شدد عدد من خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان على ضرورة أن تلغي المملكة العربية السعودية فوراً عقوبة الإعدام الصادرة بحق محمد الغامدي؛ بسبب تغريداته ونشاطه على موقع يوتيوب.

وأدانت الدنمارك وعبر مبعوثها في مجلس حقوق الإنسان في دورته ال 54 تدهور حالة حقوق الإنسان في السعودية.

ختاما:

ما تزال السلطات السعودية تمارس بحق معتقلي الراي عدداً لا محدوداً من الانتهاكات، وتصدر بحقهم الأحكام القاسية كالإعدام وسنوات السجن الطويلة ؛وكل ذلك نتيجة تعبيرهم عن آرائهم الخاصة وبصورة سليمة، ومما يجدر التنبية له أن شهر سبتمبر كان قد شهد في عام 2017م موجة اعتقالات هي الأشرس استهدفت فيها السلطات السعودية عددًا كبيرًا من رجال الدين والأكاديميين، وأغلبهم ما يزالون رهن الاحتجاز حتى يومنا هذا، إما دون أن توجه لهم تهم، أو بمحاكمات مستمرة، أو يقضون محكوميّاتٍ بالسجن على خلفية دعاوى معنية بحرية التعبير.

مؤسسة ذوينا ومن خلال تقريرها الشهري تؤكد وجوب الإفراج عن كل معتقلي الرأي وبصورة عاجلة وغير مشروطة. وذلك تأكيد على أن التعبير عن الراي ليست جريمة، ولا تستحق أن يحكم بسببها على أحد بالسجن أو التضييق ناهيك عن الإعدام، وتؤكد على أن ملف حقوق الإنسان في السعودية يشهد حالة من الاعتداء والانتهاك بشكل غير متناسب والتصريحات التي تصدر عن مسؤولين سعوديين التي تؤكد التزام السعودية بما صادقت عليه من المواثيق والاتفاقات المتعلقة بملف حقوق الإنسان، وتؤكد أيضا أن أسر معتقلي الرأي ما زالوا يعيشون في ضيق وعوز بعد تأثر وضعهم الاقتصادي والاجتماعي والنفسي جراء اعتقال ذويهم.

وتناشد مؤسسة ذوينا جميع المنظمات العاملة في حقل حقوق الإنسان على مواصلة الضغط على السلطات السعودية للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين ووضع حد لمعاناتهم ومعاناة أسرهم.

المزيد من الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى