أصدرت وحدة الرصد في مؤسسة ذوينا تقريرها الشهري المتعلق بحقوق الإنسان ومعتقلي الرأي في المملكة العربية السعودية، حيث قامت برصد وتوثيق الأحداث التي جرت خلال شهر أكتوبر 2023م.
حصل خلال شهر أكتوبر العديد من الأحداث المتعلقة بملف حقوق الإنسان ومعتقلي الراي في السعودية، حيث شهدت هذه الفترة عدداً من الاعتقالات والانتهاكات التي تعرض لها معتقلي الراي بالإضافة إلى استمرار الإخفاء القسري بحق العديد من المعتقلين، وتعنت السلطات السعودية ورفضها الإفراج عن كثير من معتقلي الرأي ممن انتهت محكومياتهم، بالإضافة إلى عدد من القضايا سيأتي هذا التقرير الحقوقي ليسلط الضوء على المستجد والرئيسي منها على النحو التالي:
الاعتقالات:
وخلال شهر أكتوبر 2023م قامت السلطات السعودية باعتقال الصيدلي المصري المقيم في السعودية خالد مسعد على خلفية تعبيره عن رأيه في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال في تعليقه على منصة أكس “مافيش دم” عبر فيها عن استيائه من قيام السلطات السعودية بافتتاح كأس العالم للألعاب الإلكترونية في الوقت الذي يمر فيه الفلسطينيون في قطاع غزة بحالة حرب منذ السابع من أكتوبر.
كما أشارت مصادر حقوقية إلى قيام السلطات السعودية باعتقال الشاب المصري عبدالرحمن علي على خلفية كتابة منشور على مواقع التواصل الاجتماعي محتجاً على اعتقال مواطنه خالد مسعد بسبب تعبيره عن رأيه ولا معلومات حتى الان عن الشابين ولا عن ظروف احتجازهما.
كما أقدمت السلطات السعودية على اعتقال شاب بريطاني من أصل باكستاني على خلفية رفع العلم الفلسطيني تضامناً مع أهل فلسطين جراء الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وكان الشاب البريطاني قد رفع العلم الفلسطيني أثناء حضوره نشاطاً رياضياً في السعودية، ثم قامت بالإفراج عنه بعد ذلك.
الإفراجات:
لم تقم السلطات السعودية خلال شهر أكتوبر 2023م بالإفراج عن أي من معتقلي الرأي بناء على ما تم رصده، وعلى الرغم من انتهاء محكومية العديد من المعتقلين إلا أن السلطات السعودية لم تقم بالإفراج عنهم وما زالوا معتقلين في السجون في انتهاك صارخ لكل القوانين والأنظمة والتشريعات. ومن معتقلي الراى الذين انقضت مدة محكوميتهم وما زالت السلطات السعودية ترفض الإفراج عنهم الناشط عبدالعزيز العودة الذي مضى على انتهاء محكوميته أكثر من عام.
الانتهاكات:
لا تزال السلطات السعودية تمارس الانتهاكات بحق العديد من معتقلي الرأي فما بين الإخفاء القسري والإهمال الطبي والتعذيب الجسدي والنفسي واستمرار الاعتقال بدون أي أحكام قضائية ومنع أهالي بعض معتقلي الرأي من التواصل مع ذويهم أو توكيل محام للدفاع عنهم أمام السلطات القضائية وعلى الصعيد الخاص فقد شهد شهر أكتوبر عدداً من قضايا الانتهاكات بحق عدد من معتقلي الرأي نورد أهمها على النحو التالي:
لجين الهذلول:
أشارت الناشطة لينا الهذلول أن السلطات السعودية ما زالت تمنع أختها لجين الهذلول من السفر على الرغم من انتهاء مدة حظر السفر.
عامر المهلهل:
يتعرض الشيخ عامر المهلهل -المعتقل منذ أكتوبر عام 2020م على خلفية إدارته لمنصات التواصل الاجتماعي للدكتور عبدالله بصفر- لتدهور حاد في وضعه الصحي الجسدي والنفسي مما أجبر السلطات السعودية على السماح له بالحصول على التدخل العلاجي ومراجعة عيادات الطب النفسي في السجن.
يذكر أن السلطات السعودية لم توجه للشيخ المهلهل أي تهمة حتى الآن، ولم يكن له أي نشاط سياسي أو حقوقي.
الأحكام التعسفية:
وخلال شهر أكتوبر وبسبب رفض الحقوقي وليد أبو الخير برنامج المناصحة فقد قامت السلطات السعودية بنقله إلى الجناح المشدد رقم 42 في سجن الحائر، وكان وليد أبو الخير من أوائل الناشطين الحقوقيين الذين بادروا بمطالبة السلطات السعودية بتغيير النظام الحالي من ملكية مطلقة إلى ملكية دستورية عبر بيان بعنوان “معالم في طريق الملكية الدستورية” وبسبب نشاطه الحقوقي والإصلاحي تم اعتقاله من منزله بمدينة جدة والزج به في السجون في أبريل 2014م، وقد تعرض وليد أبو الخير لعدد كبير من الانتهاكات طوال فترة سجنه منها التعذيب والضرب المبرح وسوء المعاملة وحرمانه من الحقوق الأساسية للمعتقلين.
تفاعلات حقوقية:
وخلال شهر أكتوبر صدر تقرير حقوقي يكشف عن الاعتقالات والأحكام الصادرة ضد الفلسطينيين في السعودية.
وأشار التقرير إلى أن السلطات السعودية شنت حملة اعتقالات واسعة بحق المقيمين الفلسطينيين في السعودية منذ عام 2018م، لتصبح أشد ضراوة في عام 2019م.
وذكر التقرير أن عدد المعتقلين الذين تم رصدهم يبلغ 69 شخصية فلسطينية، وقد تعرضوا في السجون لعدد من الانتهاكات في سجن شعار سيء السمعة، وهناك واجهوا صنوفاً من التعذيب والضرب المبرح، كما أن إدارة السجن كانت تتعمد ترك الأضواء منارة لمنع المعتقلين من النوم، كما تعرض عدد كبير منهم للإخفاء القسري والمعاملة الوحشية حسب وصف التقرير.
كما أكد التقرير على أن السلطات السعودية قد شرعت في محاكمة عدد من المعتقلين الفلسطينيين في العام 2021م دون السماح لغالبيتهم بتوكيل محام للدفاع عنهم في محاكمات جماعية قالت عنها منظمة هيومن رايس ووتش أنها تثير مخاوف من حصول انتهاكات في إجراءاتها القانونية.
وأشار التقرير إلى أن السلطات القضائية السعودية قد وجهت عدداً من التهم إلى المعتقلين منها انتسابهم إلى كيان إرهابي – دون تسميته – وقد تراوحت الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة بحق الفلسطينيين بالسجن ما بين 22 و3 سنوات، فيما لم تصدر أي أحكام بحق بعضهم لكن السلطات السعودية لا زالت تعتقلهم تعسفيا.
ختاما:
ما يزال معتقلي الرأي في سجون السلطات السعودية يمارس بحقهم صنوفا كثيرة من الانتهاكات فما بين الإخفاء القسري إلى الامتناع عن الإفراج عمن انتهت محكوميتهم، ومرورا بالتعذيب الجسدي والنفسي وإساءة المعاملة ، وما تزال السلطات السعودية أيضا ممثلة بالنيابة العامة تطالب بإعدام العديد من المعتقلين وما يزال شبح الإعدام يلاحق عدداً منهم ممن صدر بحقهم حكم الإعدام وكان آخرهم المعلم محمد الغامدي، وكل ذلك لأنهم عبروا عن رأيهم وطالبوا بحقهم المدنية.
مؤسسة ذوينا ومن خلال تقريرها الشهري تؤكد على وجوب الإفراج عن كل معتقلي الرأي وبصورة عاجلة وغير مشروطة وذلك تأكيداً على أن التعبير عن الراي ليست جريمة ولا تستحق أن يحكم بسببها على أحد بالسجن أو التضييق ناهيك عن الإعدام وتؤكد على أن ملف حقوق الإنسان في السعودية يشهد حالة من الاعتداء والانتهاك بشكل غير متناسب والتصريحات التي تصدر عن مسؤولين سعوديين التي تؤكد التزام السعودية بما صادقت عليه من المواثيق والاتفاقات المتعلقة بملف حقوق الإنسان وتؤكد أيضا أن أسر معتقلي الرأي يعيشون في ضيق وعوز بعد تأثر وضعهم الاقتصادي والاجتماعي والنفسي جراء اعتقال ذويهم
وتناشد مؤسسة ذوينا جميع المنظمات العاملة في حقل حقوق الإنسان على مواصلة الضغط على السلطات السعودية للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين ووضع حد لمعاناتهم ومعاناة أسرهم.