ما هو دور التفاعل على مواقع التواصل في نصرة قضية مروان المريسي؟
تعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، فلم تعد تقتصر على كونها نافذة للتواصل بين الأفراد، وإنما باتت تشكل أهم أدوات التأثير في صناعة الرأي العام، وينظر إليها البعض على أنها يمكن أن تقود حركة تأثير لا يستهان بها، باتت وسائل التواصل الاجتماعي أحد أهم الفاعلين الدوليين، فلم يعد تأثيرها يقتصر على النظام الداخلي في دولة ما، وإنما يمتد إلى مجال العلاقات الدولية، وباتت تلعب دوراً في التفاعلات السياسية الدولية.
ولهذا يمكن اعتبارها أحد الفاعلين من غير الدول التي تمتلك القدرة على التأثير في تطورات الأحداث الإقليمية والعالمية، ولعل حركة التأثير التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن ذات قيمة ضعيفة إنما أثرت وبشكل كبير على تغيير قرارات الكثير من البلدان، وزادت من عمليات التفاعل للنهوض بواقعية قضايا مناصرة حقوق الانسان، ومن أهم تلك القضايا هي ما شهدته المملكة العربية السعودية منذ سنوات، ومدى تأثير مواقع التواصل على مناصرة المعتقلين السياسيين أو الحقوقيين في سجون المملكة، ومنها قضية الناشط مروان المريسي.
من هو المريسي؟
مروان المريسي (المولود عام ١٩٨٢)، يمني الجنسية المغترب في السعودية منذ عام 2003، معروف منذ سنوات في الوسط الإعلامي التسويقي E-Marketing في البلاد، لم يكن معارضاً ولا دخل له بالسياسة حتى، ما يؤكّد أن لا مسوّغ لإبقائه في المعتقل.
وعمل في مسيرته المهنية في مجال الإعلام الرقمي والتنمية البشرية، في أكثر من وسيلة إعلامية، بين الصحف والتلفزيون لا سيما قناة المجد وقناة الرسالة المملوكة للأمير الوليد بن طلال، وكان مروان من المغردين الناشطين على “تويتر“، وتغريداته كان معظمها في مجال تخصّصه، وكان معظّم المغرّدين المشاهير على معرفة به وبعمله، وكان أيضاً معروفاً في الأوساط الإعلامية والثقافية في المملكة، وله كتاب صدر عام 2014 بعنوان “لبن العصفور”.
اعتقال المريسي
في 1 يونيو 2018، توجه المريسي إلى منزله في الرياض بعد أن أخذ ابنه البالغ من العمر خمس سنوات إلى مستشفى متخصص لتلقي العلاج، وما إن عاد إلى منزله قامت مجموعة أمنية ترتدي ملابس مدنية، بالقبض عليه واقتياده إلى وجهة مجهولة، ظل مصير المريسي ومكان وجوده مجهولين إلى أن اتصل بذويه في 15 مايو 2019 وأخبرهم أنه محتجز بسجن الحاير.
وعلى الرغم من عدم إدلائه بأية تصريحات علنية بشأن السياسة السعودية، لكن يعتقد أن السلطات قبضت على المريسي لأنه صحفي مؤثر، بالإضافة إلى ذلك ظهر المريسي في يونيو 2016، في مقابلة تلفزيونية حضرها الباحث الإسلامي المعروف سلمان العودة، الذي بسبب تغريدة دعا الله فيها أن “يؤلف بين قلوب” السلطات القطرية والسعودية في سياق الأزمة الدبلوماسية الخليجية.
مطالبات بإطلاق سراح المريسي
وفي شهر سبتمبر من العام ٢٠١٩ أطلق ناشطون يمنيون حملةً على “تويتر” طالبوا من خلالها بإطلاق سراح الصحافي اليمني مروان المريسي، المعتقل في السعودية منذ شهر يونيو 2018.
وكتب سامي أمين في تغريدة له : ” الأمن في السعودية يعتقل الإعلامي مروان المريسي منذ سنين، وهو كان يعمل في إحدى قنواتهم ولم يتعرض للمملكة بسوء، وما زالت أسرته تناشدهم للإفراج عنه “
ومن خلال وسمي “الحرية لمروان المريسي” و”أطلقوا سراح مروان المريسي”، طالب اليمنيون بإطلاق سراح المريسي والكشف عن مصيره، ناشرين المعلومات التي يعرفونها عن غيابه.
وفي سبتمبر 2018 أعلنت منظمات حقوقية أن “قوات الأمن في المملكة العربية السعودية” اعتقلت المريسي، الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي وله أكثر من 100 ألف متابع على “تويتر” وهو الآن بمعزل عن العالم الخارجي وأن أفراد عائلته لا يعرفون حتى الآن ما هي أسباب اعتقاله أو الموقع الذي يحتجز فيه، وهم غير قادرين على زيارته.
وفي مايو 2019، قالت منظمة “مراسلون بلا حدود” إنّ عائلة المريسي حصلت على معلومات عنه. وأكدت زوجته في تغريدة أنها تلقت مكالمة هاتفية منه دامت بضع دقائق، لتعلم للمرة الأولى منذ انقطاع أخباره أنه لا يزال على قيد الحياة، ولكن من دون أية إشارة إلى مكان وجوده.
التفاعل على وسائل التواصل
أشتد التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بإطلاق سراح المريسي، وانتقد أحمد الزرقة في تغريدة الحكومة اليمنية قال فيها له: ” أن المريسي معتقل منذ أكثر من عام دون ذنب أو تهمة. تم خطفه من مستشفى بالدمام وهو مع طفله المصاب بمرض مزمن، وإخفاؤه قسريا لليوم ولم يتابع عنه أحد من مسؤولينا. الحرية لمروان المريسي”.
وهذه ليست أول حملة، إذ أطلق الناشطون أوائل العام الحالي حملةً بعنوان “#أين_مروان_المريسي”، داعين الحكومة اليمنية إلى التدخل لمعرفة مصيره، وأكدت صحيفة العربي الجديد في تقرير نشر لها مؤخراً بعد مرور ثلاثة أعوام وما زال مصير الإعلامي اليمني مروان المريسي مجهولاً وراء قضبان السجن في المملكة العربية السعودية، إذ تتكتم السلطات على وضعه، وهو الذي اعتقل من دون تهمة في الأول من يونيو/حزيران من العام 2018.
المريسي ما يزال خلف القضبان
ظلت أسرة المريسي خلال هذه السنوات بلا معين بعدما تركته حكومة بلاده بلا سؤال، ورغم ذلك تتمسك أسرته، التي استمعت لصوته مرات محدودة، بأمل خروجه، أسيرة للأمنيات والدموع تعيش محنتها وحيدة، ومتحفظة في الحديث عنه للآخرين خشية تأثر وضعه في السجن، مع إصرار السلطات على ابقائه وراء القضبان.
حيث كشفت شقيقة المريسي في تغريدة لها على موقع تويتر تفاصيل اعتقاله من قبل السلطات، وتعرضها للتهديد في حالة إثارة قضيته عبر الإعلام، ومعاناة أسرتها بعد اختفائه قسرياً منذ 11 شهراً.
وأكدت شقيقة مروان، في سلسلة تغريدات لها عبر حسابها في موقع “تويتر” أن السلطات السعودية اعتقلت شقيقها الذي عمل معداً للبرامج في قنوات المجد الفضائية قبل 11 شهراً.
أما الصحفي اليمني شادي ياسين فقال عبر تغريدة له إن أسرة مروان المريسي ظلت خلال هذه السنوات بلا سند بعدما تركته حكومة بلاده بلا سؤال، ورغم ذلك تتمسك أسرته بأمل خروجه، أسيرة للأمنيات والدموع تعيش محنتها وحيدة، ومتحفظة في الحديث عنه خشية تأثر وضعه في السجن، مع الإصرار على ابقائه وراء القضبان.
وفي مطلع يوليو ٢٠٢١ دعت منظمة سام للحقوق والحريات السلطات السعودية للإفراج عن المعتقلين اليمنيين في سجونها والسجون التي تشرف عليها في الأراضي اليمنية. ورحبت المنظمة في بيان لها، بالإفراج عن العقيد “رشاد الحميري” العضو بالمجلس العسكري لمقاومة محافظة إب اليمنية، بعد ضغطٍ شديد من قبل الرأي العام.
وأشارت إلى أن الحميري، اعتقل بشكل تعسفي وجرى إيداعه داخل سجون المملكة منذ منتصف يونيو 2016، عقب دعوته لاجتماع في مكتب الأمير فهد بن تركي آل سعود، ووجهت المنظمة دعوة للسلطات السعودية للإفراج عن باقي المعتقلين اليمنيين في سجونها و السجون التي تشرف عليها في الأراضي اليمنية، وعلى رأسهم الصحفي مروان المريسي، وطالبت بتعويض ضحايا الاعتقال في سجون المملكة، معتبرة هذه الممارسات جرائم تنتهك القانون الدولي ولا تسقط بالتقادم.