قضية الصحفي المعتقل أسامة سهلي.. عندما تُكبَّل الكلمة
لم يتصور يوماً الصحفي أسامة سهلي أن الكلمة الحرة ستكون سبباً في اعتقاله وتكبيل يده عن الكتابة وتوقف قلمه الحر، فقد مرَّ زمن طويل على اختفاءه وبقاءه خلف الزنازين المظلمة بعيداً عن الحياة الكريمة التي يتمتع بها باقي البشر.
هذه الكلمات تختصر واقع الصحفي المعتقل في المملكة أسامة سهلي، والذي تعرض للاعتقال على يد عناصر أمن الدولة بسبب كلمة حرة عبّر فيها عن رأيه.
كلمة حرة
يعد أسامة السهلي من بين الشخصيات الوطنية التي عرف بكتاباته المعتدلة التي يسعى من خلالها إلى ممارسة وظيفته المهنية لصالح المملكة وشعبها.
عمل كاتبا وصحفيا في صحيفة البلاد، ووظّف قلمه في الدعوة للإصلاح وانتقاد الفساد، حيث قدّم كلمات حرة في مسيرته المهنية، إلا أنه لم يدرك ثمنها الغالي الذي سيدفعه فيما بعد.
استطاع أن يستثمر مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رأيه السلمي الحر، وممارسة مهنته في الكتابة والصحافة.
اعتقال تعسفي
تعرض السهلي للاعتقال التعسفي على يد عناصر أمن الدولة في يناير 2019؛ على خلفية تغريدات عبر فيها عن رأيه بقضايا عامة.
ولاقت عملية اعتقال السهلي استنكارا شعبيا وحقوقيا من قبل مؤسسات ومنظمات حقوقية عديدة، بسبب العملية التي تمس حرية الصحافة وتزيد القلق على الحريات في المملكة.
وفي هذا السياق، وجهت منظمات حقوقية عدة دعواتها للسلطات السعودية لوقف ترهيب الصحفيين والمدافعين عن الحريات العامة، واحترام التزاماتها التي تعهدت بها عند الموافقة على الإعلانات والاتفاقيات الدولية المعنية، خصوصا تلك التي تكفل حرية الرأي والتعبير والنشر، مثل الإعلان العالمي لحقوق الانسان وغيره.
وتعد قضية اعتقال الصحفي أسامة سهلي، من بين القضايا التي تنتهك حقوق الإنسان والحريات، وهو اعتقال تعسفي انتهك القوانين المحلية والدولية، حيث جاء في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت من دون تقيد بالحدود الجغرافية.
معاناة وانتهاكات
تستمر معاناة معتقلي الرأي داخل المعتقلات الحكومية، وليست هذه المعاناة بعيدة عن حياة الصحفي المعتقل داخل زنازين المعتقلات الحكومية، فقد واجه السهلي قساوة في حياته داخل السجون.
حيث تعرض لسوء المعاملة وتشويه السمعة والاتهامات الكيدية والاعتداءات والحرمان من التواصل مع ذويه ولقائهم، وكذلك صعوبة في اللقاء مع محاميه أو موكله.
كما وجهت ضده النيابة العامة عدة تهم تتعلق بـ “دعم الإرهاب”، وأصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكما ضده بالسجن 8 سنوات.
كيف ننجح بنصرته؟
في ظل القوانين التي تبت في مثل هذه القضايا -لاسيما قضايا الحريات-، والتي تعد خطا أحمرا أمام المواثيق والإعلانات العالمية المعنية، فإن من واجب الجميع أن يلجأ لتلك القوانين كبرهان وتبرير في الدفاع عن حقوق معتقلي الرأي، لاسيما الصحفيين منهم.
ولعل قضية أسامة السهلي تعد من بين القضايا الحساسة التي تمس حرية الصحافة، حيث استمرار اعتقال الصحفيين يدين النظام ويجعله في موضع انتقاد دولي، ولذلك فالضغط الدولي على النظام خطوة مهمة لإجبار النظام على الإفراج عنه.
ولعل تحريك الضغط الدولي في هذا المسار، يأتي من خلال إيصال قضيته عبر الإعلام –بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي-، وللجهات المعنية من منظمات حقوقية وناشطين وحقوقيين ودول ومؤسسات معنية.
كما يجب إبراز مكانته المهنية ومواقفه الوطنية التي تبرئه من الاتهامات الكيدية التي طالته من قبل النيابة العامة في الرياض.
وتقع هذه المسؤولية على عاتق ذويه والناشطين والمجتمع أجمع، وكذلك وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والمؤسسات المعنية، فنصرة المظلوم واجب إنساني وأخلاقي.