عبد الرحمن السدحان هو مواطن أمريكي من أصل سعودي، تخرج من جامعة نوتردام دو نامور في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وذهب للعمل في المملكة العربية السعودية أواخر العام 2014،
و في 12 مارس 2018، تم اعتقاله من مكتبه في الهلال الأحمر في الرياض كجزء من حملة مكثفة نفّذها مسؤولون سعوديون لقمع النشطاء السلميين و منتقدي الحكومة والمعلِّقين عبر الإنترنت، وبعد أن سرّب هويته موظفو تويتر السابقون الذين زُعم أنهم تجسسوا لصالح الحكومة السعودية، واستُهدِف عبد الرحمن بسبب انتقاده السلمي والمجهول لبعض السياسات في المملكة.
الخروج من الصمت
بدأت رحلة القلق على السدحان من قبل عائلته عبر محطات متعددة، حيث بدأت شقيقته أريج السدحان وهي مواطنة أمريكية مقيمة في ولاية كاليفورنيا بنشر عدد من التغريدات عبر حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، بينت من خلالها انقضاء سنة كاملة على إخفاء شقيقها بالقول: “للأسف مرت سنة من الصمت لم تحل شيء بل زادت الوضع سوءاً، لذلك سأحكي اضطراراً حيث الصمت أصبح أكثر خطراً من الكلام في بيئة يُحرّم فيها الكلام، سأحكي عن قضية أخي عبدالرحمن السدحان ضحية الإخفاء القسري وسأذكر التفاصيل المؤلمة لما حصل بحقه”.
https://twitter.com/AreejASadhan/status/1118173314994724864?s=20
وأعقبتها تغريدة أخرى قالت فيها: “أخي عبدالرحمن السدحان ما يزال ممنوعًا من أي مكالمات أو زيارات منذ 5 أبريل (يوم حكمه الوحشي و الظالم) لم نسمع صوته منذ ذلك الحين مرة أخرى ، ولا عن استئنافه. أوقفوا التعذيب!”.
https://twitter.com/AreejASadhan/status/1415708965938237441?s=20
السدحان في المعتقل
في شهر مارس ٢٠١٨ قامت مجموعة بمداهمة مكتب عبدالرحمن في مقر عمله في الهلال الأحمر السعودي و اقتادوه الى جهة مجهولة من دون أي مذكرة اعتقال، كما قاموا بأخذ جواله ولم يتم إبلاغ أي من أهله ولم يسمح له بالتواصل مع أحد.
وقالت أريج إن شقيقها عبدالرحمن اختفى منذ العام ٢٠١٨، ولم يستطع أحد التواصل معه أو معرفة أخباره حتى اليوم، وفي اليوم التالي من اعتقاله قامت مجموعة ترتدي لباس الشرطة باقتحام المنزل واستغرقوا وقتا في التفتيش وقاموا بأخذ جهاز الحاسب الآلي وبعض أغراضه الشخصية.
ومنظمات حقوق الإنسان بدورها لم تستطع الحصول على أي معلومات عنه الا أنهم أكدوا أنه لم يكون الحالة الوحيدة بل هناك بلاغات أخرى عن أشخاص لم يجدوا لهم اثر كذلك، لكن وبعد مضي حوالي ثلاثة اشهر حصلنا على تأكيد من موظف أمني أنه معتقل لديهم وأنه قيد التحقيق، و رفض مشاركة أي معلومات أخرى حول مكان أو سبب الاعتقال، كما رفض أي مجال للتواصل معه أو تعيين محامي.
وأكدت أنه في شهر أكتوبر من عام ٢٠١٨ وصلت إليهم من شاهد عيان آخر رؤية شقيقها في سجن ذهبان وأنه قد تعرض لتعذيب شديد مما زادهم قلقا وخوفا، في وقت كانت عدة جهات حقوقية تتابع قضيته، وتم رفع قضيته للأمم المتحدة التي بدورها حاولت التواصل والاستفسار عن وضعه الا انه حتى يومنا هذا لم يستلموا أي رد، وفي نهاية شهر نوفمبر ٢٠١٨ أكدت هيئة حقوق الإنسان في السعودية عن تواجده في سجن الحائر وكانت هذه المعلومة الوحيدة التي تملكها عائلة السدحان حينها.
محاكمة السدحان
أريج السدحان استذكرت في تغريدة عبر تويتر قالت من خلالها: “ستتذكر عائلتي يوم 5 أبريل 2021، باعتباره اليوم الذي تحقق فيه أسوأ كوابيسنا، بعد سنوات من الصمت ومحاكمة صورية دامت لمدة شهر كامل، حُكِمَ على أخي عبد الرحمن السدحان، بالسجن 20 عامًا في السعودية“.
كما علقت صحيفة الواشنطن بوست عن الحادثة في تقريرها المنشور بتاريخ ٣ مايو ٢٠٢١ والذي جسد معاناة عائلة السدحان بانتقادها سياسة المملكة بعد النطق الحكم بالقول: “المملكة العربية السعودية هي إحدى أكثر الدول المنتهكة لحقوق الإنسان شُهرةً في العالم”.
فيما علقت أريج في تعليقها على الحكم بحق شقيقها عبدالرحمن بالقول: “بعد حملة عالمية للمطالبة بالسماح بالتواصل بعبد الرحمن، شعرنا بسعادة غامرة لسماع صوته في يوم 22 فبراير، بل وسعدنا أكثر عندما أخبرنا أنه سيُطلَق سراحه قريبًا، وكانت فرحتنا قصيرة الأمد: نُقِل بسرعة عبر عملية محاكمة سرية غير مشروعة وحُكِم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا يعقبها حظر سفر لمدة 20 عامًا بعد انقضاء مدة محكوميته”.
والمثير للجدل أن موعد جلسة محكمة السدحان الثانية لم تكن قانونية على حد قول أريج السدحان، التي كشفت عن أن السلطات القضائية أبلغت عائلتها قبل 24 ساعة من موعد جلسة الاستئناف ، أي قبلها بيوم واحد فقط.
وقالت “أريج” في تغريدة لها: “بعد ٤ أشهر من الصمت والإخفاء، محكمة الاستئناف للتو أخبرت عائلتي أن موعد الجلسة سيكون غدًا الأربعاء”.
ومن جانبها، غردت المتحدثة باسم مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، عن جلسة الاستئناف تلك، قائلة: “كان الحكم على عامل الإغاثة الإنسانية عبد الرحمن السدحان في أبريل ظلمًا فادحًا، واستمرارًا لاعتداء المملكة العربية السعودية على حرية التعبير، و أن الكونغرس سيراقب عن كثب جلسة الاستئناف الخاصة بـ”عبد الرحمن” ، بالإضافة إلى جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام السعودي.
ترهيب العائلة
قالت أريج إن التعذيب النفسي الذي عانت منه عائلتي تفاقم بسبب الشعور بعدم أمان أي أحد منا في أي مكان، كما واجهتُ مضايقات ومحاولات ترهيب من متصييدين عبر الإنترنت لهم ارتباطات حكومية أثناء محاولتي معرفة المزيد عن معاناة أخي، وبعد حضور مؤتمر لحقوق الإنسان في أوسلو عام 2019، لاحقني رجل في طريقي إلى المطار في الصباح الباكر، تعتقد السلطات النرويجية أنّه كان على صلة بالسفارة السعودية في المدينة على حد قولها.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد تحدثت ضد سياسة المملكة في ملف حقوق الإنسان، إلا أنّ فشلها في مطابقة هذه الكلمات مع الأفعال يشير إلى أنّ مثل هذه الانتهاكات يمكن أن تُرتكَب ويُفلَت من عقوبتها، فالحكم على عبدالرحمن السدحان هو رسالة واضحة للجمهور السعودي مفادها أنّ أولئك الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير سيواجهون عقابًا شديدًا، بحسبها.