شهدت السعودية خلال شهر يناير المنصرم عددا من الأحداث المهمة التي تتعلق بمعتقلي الرأي في سجون النظام، وتنوعت الأحداث ما بين اعتقالات وإفراج ومحاكمات وإجراءات أخرى، كما وأفرج النظام عن بعض معتقلي الرأي، وشهد الشهر تمديد للحكم لبعض المعتقلين، وتخفيف حكم بعض المعتقلين.
تمر الشهور والسنوات على المئات من معتقلي الرأي، يتعرض المعتقلون لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل النفسي والجسدي، من قبل إدارات السجون، وحرمانهم من الحقوق، كالتواصل مع ذويهم، أو تقديمهم لمحاكمات عادلة.
ولم تقتصر المعاناة على التعذيب الجسدي والتنكيل النفسي، بل يضاف لها عدم السماح بتوكيل محامين للدفاع عنهم والاعتداء على حقوقهم التي ضمنها الدستور والقانون، وكفلتها مضامين حقوق الإنسان الدولية، لم تقتصر المعاناة على ما سبق بل أضاف لها النظام منع الأسر من زيارة أبنائهم، وحظر سفر عائلاتهم، ليتحول الأمر لعقوبة جماعية تطال المعتقل وعائلته.
وفي هذا الملف نستعرض أهم الأحداث الحقوقية لمعتقلي الرأي في البلاد، والتي جرت في شهر يناير المنصرم.
اعتقالات متجددة
تهتم القوانين والأعراف الدولية على حماية الإنسان الأساسية، كعدم الاعتقال بلا سبب، والاحتجاز التعسفي، مع عدم القدرة على الاعتراض، ومعرفة سبب الاعتقال بشكل عادل أمام قاضِ مستقل ومحايد.
وتضمن القوانين الدولية للمعتقل توكيل محامين للمعتقلين من قبل عوائلهم، والعمل على مراجعة القضايا بشكل دوري، هذه الأعراف والقوانين لم يعد لها مكان ولا تطبيق في الإجراءات التي تتبعها المملكة.
لم يكتفِ النظام بالمعتقلين القابعين خلف القبضان، ففي كل يوم تقدم الأجهزة الأمنية على اعتقال عدد جديد من الأكاديميين والمصلحين في البلاد، أبرزهم:
1.الشيخ عبد الرحمن بن يوسف الرحمة
أقدم النظام السعودي على اعتقال الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن يوسف الرحمة على خليفة ثنائه على الشيخ المعتقل سلمان العلوان ، وهو مستشار شرعي سابق بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وجاء اعتقاله في أواخر عام 2021.
2. الدكتور عبد الله اليحيى
أقدمت أجهزة الأمن التابعة للنظام السعودي على اعتقال الدكتور عبد الله اليحيى الباحث والكاتب السعودي، وكان الاعتقال بسبب تغريدات انتقد فيها التطبيع مع الكيان الصهيوني.
3. الدكتور خالد العجيمي
جدد النظام السعودي اعتقال الدكتور خالد العجيمي، بسبب خروجه المتكرر من بيته وعدم إبلاغ السلطات بمواعيد زيارته، والذي أطلق سراحه في أغسطس الماضي، عقب اعتقاله ضمن اعتقالات سبتمبر 2017، وكان إطلاق سراحه بسبب تدهور حالته الصحية.
4.عبد الله بن سعيد ثويني
اعتقل عبد الله بن سعيد ثويني، من منزله في المدينة المنورة، وذلك بسبب تداوله محتوى لبعض الدعاة والمشايخ المعتقلين عبر حسابه بتويتر، مع انقطاع أخباره منذ لحظة اعتقاله.
5. الناشط عمران الأركاني
اعتقلت قوة امنية الناشط في المجال الإنساني عمران الأركاني، من منزله في مكة المكرمة، دون معرفة سبب الاعتقال، فيما قالت مصادر إن الاعتقال بعد تحريض قامت به اللجان الإلكترونية أو ما يعرف بالذباب الإلكتروني، ومطالبتها باعتقاله وطرده من البلاد.
بشائر الحرية
رحلة السجن من أقسى الرحلات في حياة الإنسان، خاصة إذا كان الاعتقال تعسفيا دون مبرر حقيقي للسجن، فهي حياة تضج بالتحديات والقسوة والتأثير النفسي والجسدي على حياة المعتقل.
يمضي المعتقل أيامه في السجن بعيداً عن أهله وذويه، وخاصة مع استمرار الظلم والقهر الواقع على المعتقل، فيما يكابد المعتقلون وحشة الليالي المظلمة وهم يفكرون بأبنائهم، والتفكير المضني بمن يعول الأبناء بالإنفاق حال غيابهم، ولكن رغم كل هذه المعاناة هناك نور يلوح بين الفينة والأخرى بخروج عدد من معتقلي الرأي من ظلمات السجون إلى نور الحياة والحرية.
1.الناشطة زينب محمد الهاشمي
أطلق النظام سراح الناشطة زينب محمد الهاشمي، بعد قضائها 8 أشهر خلف قضبان السجن.
2.الناشطة فاطمة البلوشي وابنتها كيان الجهني
شهد شهر يناير إطلاق سراح الناشطة فاطمة البلوشي مع ابنتها كيان حسام الجهني، بعد قضائهما 5 سنوات خلف القضبان.
3.الشيخ علي أبو الحسن
أقدم النظام على إطلاق سراح الداعية علي أبو الحسن، بعد قضائه 4 سنوات في المعتقل.
4.الأميرة بسمة ال سعود وابنتها سهود
أطلق سراح الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز آل سعود، أصغر أبناء الملك الراحل سعود والبالغة من العمر 57 عاما بعدما تم احتجازها وابنتها في سهود الشريف منذ مارس/آذار 2019، بسبب على ما يبدو انتقادها لمعاملة المملكة للمرأة.
5.الدكتور سعد الشهراني
أطلق النظام سراح الأمين العام السابق للهيئة العالمية لعلماء المسلمين ، الدكتور سعد الشهراني بعد قضائه 3 سنوات داخل السجن دون تهم ضده.
أحداث وانتهاكات
وتستمر سلسلة الانتهاكات في المملكة لحقوق المعتقلين، وخاصة ما يتعلق بملف معتقلي الرأي، حيث يكابد المعتقلون ظروف الاعتقال السيئة، فضلا عن المعاملة السيئة واللا إنسانية، فيما تمارس إدارات السجون بممارسة القمع بحق السجناء ووضع عدد كبير من المعتقلين بزنازين انفرادية، وتتعمد إدارات السجون إهمال المعتقلين صحياً، وحرمانهم من التواصل مع عوائلهم.
شهر يناير شهد العديد من الأحداث والانتهاكات فقد استغاثت ابنة عالم الدين الايغوري المسلم حمد الله عبد الولي للإفراج عن والدها المحتجز في سجون المملكة، وعزم النظام على تسليم عبد الولي إلى الحكومة الصينية.
كما أكَّد رئيس لجنة أهالي المعتقلين الأردنيين خضر المشايخ، أن معاناة أهالي المعتقلين قد تفاقمت كثيراً؛ وأن أوضاعهم الإنسانية تدهورت خلال العامين الماضيين لأسباب كثيرة أبرزها، وفاة بعضهم، وغياب آخرين عن أراضي المملكة ممن فقدوا وظائفهم.
وخلال شهر يناير انعقدت جلسة محاكمة الدكتور حسن فرحان المالكي، وقد قامت المحكمة الجزائية المتخصصة، بتأجيل المحاكمة دون ذكر موعد الجلسة القادمة، ودون أن تُصدر ضده أي حكم.
وقام النظام بإصدار تعديلات على أحكام المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين، وإحالة تصديق هذه الأحكام إلى المحكمة العليا، وقامت المحكمة الجزائية بتخفيف الحكم الصادر بحق الدكتور عامر الألمعي من 9 سنوات إلى 4 سنوات ونصف، وبالوقت نفسه قامت بتغليظ الحكم الصادر بحق رجل الأعمال أسامة فيلالي من 3 إلى 5 سنوات.
كما توفي خلال شهر يناير في السجن الشيخ المعتقل مطلق بن نغيمش الدويش، داخل السجن بعد فترة اعتقاله منذ شهر نوفمبر 2019، وكان حقوقيون قد أكدوا أن الشيخ الدويش توفي داخل السجن، من دون معرفة الأسباب التي أدت إلى الوفاة لغاية الآن، وأكد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على أن الشيخ مطلق كان محكوما بالبراءة منذ سبتمبر 2021، متسائلين عن سبب عدم خروجه من الحبس.
وسط كل هذه الانتهاكات والتراجع في حقوق الإنسان تقابلها جهود حثيثة من المنظمات الإنسانية والحقوقية، بالعمل على المطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي، والضغط عليهم من خلال المنظمات الدولية، والتأكيد على عدم الاعتداء على المعتقلين بالتعذيب الجسدي والنفسي والإساءة والإهمال الطبي المتعمد.
مؤسسة ذوينا تؤكد على استمرارها بالتضامن والمطالبة المستمرة بإطلاق سراح معتقلي الرأي والوقوف معهم والتضامن مع عوائلهم وذويهم.