عصفت بالمملكة العربية السعودية أحداث كثيرة تتعلق ما بين إطلاق سراح معتقلين واعتقال آخرين، ومحاكمة بعض معتقلي الرأي في البلاد، خلال شهر فبراير المنصرم، وشهد الشهر تمديد للحكم لبعض المعتقلين، وتخفيف حكم بعض المعتقلين.
ويتعرض معتقلو الرأي داخل السجون لأبشع أنواع التعذيب، فضلاً عن التنكيل النفسي والجسدي من قبل إدارات السجون، ولم تكتفِ الإدارات بالتعذيب بل تعمدت حرمانهم من الحقوق، كالتواصل مع ذويهم، أو تقديمهم لمحاكمات عادلة.
معاناة المعتقلين لم تكن مقتصرة على التعذيب الجسدي والحرب النفسية، بل تعمدت السلطات إلى عدم توكيل محامين للدفاع عن المعتقلين، فضلاً عن الاعتداء على حقوقهم التي ضمنها الدستور والقانون لهم.
مارست الأجهزة الأمنية وإدارات السجون بحق المعتقلين كل أنواع الانتهاكات فقد منعت الأسر من زيارة أبنائهم، وحظر سفر عائلاته، ليتحول الأمر لعقوبة جماعية تطال المعتقل وعائلته.
وفي هذا الملف نستعرض أهم الأحداث الحقوقية لمعتقلي الرأي في البلاد، والتي جرت خلال شهر فبراير الماضي.
أبرز معتقلي شهر فبراير
تحث القوانين الدولية والأعراف العالمية على حماية حقوق الإنسان الأساسية، كعدم الاعتقال بلا سبب، والاحتجاز التعسفي، وبيان سبب الاعتقال للمعتقل أمام قاضٍ مستقل ومحايد، بالإضافة إلى أن القوانين الدولية تضمن للمعتقل توكيل محامين للمعتقلين من قبل عوائلهم، والعمل على مراجعة القضايا بشكل دوري، هذه الأعراف والقوانين لم يعد لها مكان ولا تطبيق في الإجراءات التي تتبعها المملكة.
وقد أقدمت الأجهزة الأمنية على اعتقال عدد من الأكاديميين والناشطين خلال شهر فبراير، أبرزهم:
أولاً: الناشط عمران الأركاني
اعتقلت الأجهزة الأمنية الناشط الشاب عمران الاركاني من منزله في مكة المكرمة، دون بيان أسباب الاعتقال، ويعد من الناشطين المدافعين عن حقوق مسلمي الروهينجا الذين يتعرضون لأبشع أنواع الظلم على يد المتطرفين البوذيين.
ثانياً: الدكتور عبد الله معروف
اعتقل النظام الدكتور عبد الله معروف الممثل الشرعي للروهينجا بمنظمة التعاون الإسلامي، ورئيس المركز العالمي الروهنجي بمكة المكرمة، وكان قد اعتقل قبل أكثر من سنة بعد حملة التحريض التي طالبت بها اللجان الالكترونية، وعرف عنه مدافعته عن حقوق مسلمي الروهينجا الذين يتعرضون لأبشع أنواع الظلم.
ثالثاً: موسى علي غازي
أقدمت الأجهزة الأمنية على اعتقال الشاب موسى علي غازي، وقد جاء اعتقاله بسبب تعبيره عن رأيه في حرب اليمن، وقد اعتقل غازي خلال نوفمبر 2018 من المسجد النبوي.
رابعاً: القارئ عبد المجيد الأركاني
أقدم النظام السعودي القارئ عبد المجيد الأركاني على خلفية تواصله مع أحد الأكاديميين الاتراك في مؤتمر أقامته رابطة العالم الإسلامي بالمملكة.
نسائم الحرية
وتعد رحلة السجن من أقسى الرحلات في الحياة، وخصوصا في حالات الاعتقال التعسفي وعدم وجود مبرر حقيقي للسجن، فهي رحلة مليئة بالتحديات والقسوة والتأثير على حياة المعتقل، يمضي المعتقلون أيامهم في السجن بعيداً عن أهله وذويه، وخاصة مع استمرار الظلم والقهر الواقع على المعتقل.
يكابد المعتقلون وحشة الليالي المظلمة وهم يفكرون بأبنائهم، والتفكير بمن يعول الأبناء بالإنفاق حال غيابهم، ولكن رغم كل هذه المعاناة هناك نور يلوح بين الفينة والأخرى بخروج عدد من معتقلي الرأي من ظلمات السجون إلى نور الحياة والحرية، ومن أبرزهم:
أولاً: الدكتور فهد السنيدي
أطلقت السلطات السعودية سراح الإعلامي فهد السنيدي، أحد أبرز المعتقلين ضمن حملة سبتمبر 2017.
ثانياً: السيدة نعيمة المطرود
أطلقت الأجهزة الأمنية سراح السيدة نعيمة المطرود، بعد الانتهاء من محكوميتها حيث قضت 6 سنوات خلف قضبان السجن.
ثالثاً: السيدة فوزية بنت غرم الله الزهراني
شهد شهر فبراير إطلاق سراح السيدة فوزية بنت غرم الله الزهراني البالغة من العمر 51 عاما، والتي اعتقلت مطلع 2021 دون معرفة الأسباب.
رابعاً: الشاب عبد الرحمن العريفي
أطلقت الأجهزة الأمنية سراح الشاب عبد الرحمن العريفي نجل الداعية محمد العريفي، بعد قضائه 3 سنوات خلف قضبان السجن.
وتستمر سلسلة الانتهاكات في المملكة لحقوق المعتقلين، وخاصة ما يتعلق بملف معتقلي الرأي، حيث يكابد المعتقلون ظروف الاعتقال السيئة، فضلا عن المعاملة السيئة واللاإنسانية، فيما تمارس إدارات السجون بممارسة القمع بحق السجناء ووضع عدد كبير من المعتقلين بزنازين انفرادية، وتتعمد إدارات السجون إهمال المعتقلين صحياً، وحرمانهم من التواصل مع عوائلهم.
وقد صادقت المحكمة على اعترافات قاتل الدكتور موسى القرني في السجن بعد اقراره بجريمته أثناء التحقيقات.
مع استمرار الانتهاكات والتراجع في حقوق الإنسان يقابلها جهود مستمرة ومتابعة من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية، التي تعمل على إطلاق سراح معتقلي الرأي، والضغط عليهم من خلال المنظمات الدولية، كما تؤكد على سلامة المعتقلين وعدم الاعتداء على المعتقلين بالتعذيب الجسدي والنفسي والإساءة والإهمال الطبي المتعمد.
من جانبها تؤكد مؤسسة ذوينا على استمرارها بالتضامن والمطالبة المستمرة بإطلاق سراح معتقلي الرأي والوقوف معهم ومناصرتهم، والتضامن مع عوائلهم وذويهم، وتدعو الجهات المعنية على إطلاق سراح معتقلي الرأي، وتدعو المنظمات الدولية على ضرورة الضغط على السلطات لأجل إطلاق معتقلي الرأي.