شهد شهر مارس في المملكة العربية السعودية أحداثاً كثيرة من اعتقال شخصيات بارزة وأكاديمية، وإطلاق سراح آخرين، بالإضافة لمحاكمة بعض المعتقلين في البلاد، فضلاً عن انتهاء محكومية بعض المعتقلين ونقل بعضهم لدار الاستراحة تمهيدا لإطلاق سراحهم.
ويتعرض المعتقلون داخل السجون لأبشع أنواع التعذيب، وتمارس إدارات السجون للتنكيل النفسي والجسدي، ولم تكتفِ الإدارات بهذا القدر من التعذيب، بل تعمدت لحرمانهم من الحقوق، كالتواصل مع ذويهم، أو تقديمهم لمحاكمات عادلة.
المعتقلون داخل السجون لم تقتصر معاناتهم على التعذيب الجسدي والحرب النفسية، وحرمت المعتقلين من توكيل محامين للدفاع عن المعتقلين، والاعتداء على حقوقهم التي ضمنها الدستور والقانون لهم.
اعتقالات وانتهاكات
شهد شهر مارس اعتقال عدداً من معتقلي الرأي، بالإضافة إلى الانتهاكات المتجددة بحق السجون من قبل إدارات السجون، وحرمانهم من التواصل مع ذويهم، فضلاً عن الإهمال الصحي المتعمد.
أولاً: اعتقال عمر شيبوبة
أقدمت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام على اعتقال الشاب عمر شيبوبة، بعد أن شن الذباب الالكتروني حملة شرسة ضده على خلفية أغنية راب غناها.
ثانياً: إصابة الدكتور عبد العزيز الزهراني بالسرطان
أكدت مصادر حقوقية أن شهر مارس شهد إصابة الدكتور عبد العزيز الزهراني بمرض السرطان مما دفع السلطات لإطلاق سراحه، بعد قضائه 4 سنوات ونصف خلف قضبان السجن.
ثالثاً: المماطلة في الإفراج عن الدكتور محمد الخضري
رغم انتهاء مدة اعتقاله، إلا أن النظام السعودي لم يطلق سراح الدكتور محمد الخضري، الطبيب والعضو في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، والممثل للحركة بالمملكة بين عامي 1992 و2009.
محكمة الاستئناف السعودية أنهت في 4 يناير الماضي، النظر في الأحكام الصادرة بحق 60 معتقلاً فلسطينياً وأردنياً في أغسطس2021، ومن ضمنهم الخضري، حيث خفقت الحكم من 15 عاماً إلى ستة أعوام، مع وقف التنفيذ لثلاث منها، وهي المدة الفعلية التي قضاها في معتقله.
رابعاً: منع المعتقلين من التواصل مع ذويهم
قامت إدارات السجون التابعة للنظام السعودي بمنع المعتقلين من الاتصالات الدولية للأجانب وحرمانهم من التواصل مع ذويهم.
خامساً: إلزام ذوي المعتقلين بعدم توجيه أسئلة لهم
قامت إدارات السجون التابعة للنظام السعودي بإلزام ذوي المعتقلين من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان عند زيارتهم، بعدم توجيه أي أسئلة تتعلق حول الاعتقال وإجراءات التحقيق، كما أنها هددت المخالفين بمنعهم من الزيارة على الإطلاق.
وتستمر سياسة تهديد الناشطين والمغردين، كما تجبرهم هذه القرارات على حذف تغريداتهم والاعتذار عنها، وإغلاق حسابات بعضهم، واعتقال البعض الآخر، في عملية ترهيب ممنهجة، تستهدف خنق حرية الرأي والتعبير في البلاد.
بشائر الحرية
ويعتبر السجن رحلة شاقة وثقيلة في حياة الإنسان، فهو يسلب الإنسان حريته ويقيد حركته، فكيف إذا كان الاعتقال تعسفياً، ودون وجود مبرر حقيقي للسجن، رحلة مليئة بالتحديات والقسوة والتأثير على حياة المعتقل، المعتقلون يمضون أيامهم وساعاتهم وهم يكابدون الشوق لأهلهم وذويهم، ويقاسون الظلم والقهر الواقع عليهم باستمرار، لكن بين فترة وأخرى تلوح بشائر الحرية ويكسر القيد عن بعض المعتقلين ليتنفسوا الحرية بعد حرمانها.
أولاً: الكاتب رائف بدوي
أطلقت السلطات السعودية سراح الناشط والكاتب رائف بدري، بعد انقضاء مدة حكمه البالغة 10 سنوات.
ثانياً: الدكتور عبد العزيز الحميدي
شهد شهر مارس إطلاق سراح أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى الشيخ الدكتور عبد العزيز بن أحمد الحميدي المعتقل منذ 24 نوفمبر.
ثالثاً: الشيخ عبد الجليل المكراني
أطلق النظام السعودي سراح الشيخ عبد الجليل المكراني، بعد أسابيع من اعتقاله، ولم توضح الأجهزة الأمنية أسباب الاعتقال.
ونقلت الأجهزة الأمنية الدكتور عبد العزيز الفوزان إلى مركز المناصحة “الإستراحة” استعداداً لإطلاق سراحه بعد اعتقال دام 4 سنوات، وتحويل بعض ملفات المعتقلين الفلسطينيين الذي صدرت براءتهم إلى المحكمة العليا من أجل المصادقة على الأحكام.
وشهد شهر مارس أيضا تدهوراً في الحالة الصحية للدكتور محمد الخضري المعتقل في سجن أبها، ومواصلة اعتقاله ووضعه تحت الإقامة الجبرية بسبب تدهور وضعه الصحي.
كما وكشف النظام السعودي عن بعض التهم التي وجهت ضد الشيخ إبراهيم هائل اليماني، وأهمها زيارته للشيخ يوسف القرضاوي في دولة قطر والسلام عليه.
ورفضت الأجهزة الأمنية إطلاق سراح الشيخ خلف العنزي بعد انتهاء مدة حكمه منذ 16 شهراً، وبعد قضائه في السجن 12 سنة.
فيما تستمر الأجهزة وإدارات السجون بانتهاكات حقوق المعتقلين، تتواصل جهود المنظمات الإنسانية والحقوقية، والتي تعمل على إطلاق سراح معتقلي الرأي، والضغط عليهم من خلال المنظمات الدولية، كما تؤكد على سلامة المعتقلين وعدم الاعتداء على المعتقلين بالتعذيب الجسدي والنفسي والإساءة لهم، والإهمال الطبي المتعمد.
من جانبها تؤكد مؤسسة ذوينا على استمرارها بالتضامن والمطالبة المستمرة بإطلاق سراح معتقلي الرأي والوقوف معهم ومناصرتهم، والتضامن مع عوائلهم وذويهم، وتدعو الجهات المعنية على إطلاق سراح معتقلي الرأي، وتدعو المنظمات الدولية على ضرورة الضغط على السلطات لأجل إطلاق معتقلي الرأي.