في شهر ديسمبر استجدت الكثير من الأحداث المتصلة بالشأن الحقوقي في السعودية ،فالاعتقالات للنشطاء السياسيين والحقوقيين والمؤثرين،لم تختلف عن الشهور السابقة. اعتقالات بالجملة وأحكام قضائية قاسية لم تتوقف السلطات القضائية بإصدارها. البعض تعرض للاخفاء القسري بعد انتهاء محكوميته، والبعض ممن شارفت محكوميتهم على الانتهاء غُلظت الأحكام في حقهم مما ضاعف المعاناة وأفقد الأمل في الحرية. لم تتوقف معاناة المعتقلين وذويهم عند هذا الحد، فالمماطلة بعقد جلسات المحاكمة والنطق بالحكم فصل آخر من الألم النفسي في حق معتقلي الرأي وعائلاتهم، إلا أن هناك إفراجات محدودة للغاية حصلت في شهر ديسمبر هي النقطة البيضاء الوحيدة في سجل السلطات هذا الشهر. وحدة الرصد في مؤسسة ذوينا أعدت تقريرها الشهري ـ التقرير الحقوقي في السعودية ـ
موثِّقة الأحداث التي حصلت في الساحة الحقوقية بشهر ديسمبر 2022.
الاعتقالات لاتتوقف
اعتقلت السلطات في ديسمبر العديد من الشخصيات الاجتماعية البارزة، مثل الدكتور محمد بن محسن باصرة، المحاضر بقسم الإعلام بجامعة أم القرى، وكان اعتقال باصرة على خلفية تغريدات نشرها في وقت سابق عبر فيها عن رأيه. وفي نفس السياق اعتقلت السلطات الأستاذ سفر بن سعيد بن دعرم مدير إدارة التعليم في خميس مشيط.
تغّلظ السلطات الأحكام القضائية في حق المعتقلين الذي شارفت محكوميتهم على الانتهاء بشكل متكرر في الآونة الأخيرة مما ضاعف حجم المعاناة النفسية على المعتقلين وذويهم، فقد صدر في حق المعتقل محمد الربيعة المدافع عن حقوق الإنسان حكمٌ بالسجن 17 عاماً. والربيعة معتقل رأي اخفي قسرياً منذ مايو 2015، وفي إبريل 2021 حكمت عليه المحكمة الجزائية المتخصصة بالسجن 6 سنوات ومثلها منع من السفر؛ لتخفف محكمة الاستئناف الحكم بعد ذلك إلى 4 سنوات و 6 أشهر، وفي أواخر ديسمبر الجاري غلظت المحكمة الحكم عليه بحكم أخر، يقضي بسجنه 17 عاماً.كما غلظت المحكمة الجزائية المتخصصة الحكم في حق الكاتب والمترجم والمبرمج أسامة خالد.
تغليظ الأحكام تفاقم المعاناة
حيث اعتقلت السلطات أسامة خالد في 2020، وبعد عامين من اعتقاله حُكم عليه بالسجن 37 عاماً.
الدكتور محمد بن محسن باصرة أحد معتقلي ديسمبر حكمت عليه المحكمة بالسجن 30 سنة، على خلفية تغريدات سابقة نشرها قبل ثلاث سنوات.
وفي سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها أصدرت السلطات القضائية حكمها الجماعي على 35 ناشطة، بالسجن 11 سنة، بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي. وفي نفس السياق حُكم على الفريق أول خالد بن قرار الحربي مدير الأمن العام السابق، بالسجن 25 سنة. كما حكم على الشيخ كاظم العمري المعتقل منذ نوفمبر الماضي بالسجن 4 سنوات.
إفراجات وانفراجات
كانت الافراجات والانفراجات محدودة للغاية في شهر ديسمبر، حيث اطلقت السلطات سراح المواطن الأمريكي من أصل يمني محمد سالم، بعد اعتقاله لمدة شهر كامل.
الكاتب الصحفي خالد العلكمي هو الأخر افرجت السلطات عنه بعد سجن 5 سنوات سجن، العلكمي أحد معتقلي سبتمبر 2017، ولم تصدر في حقه أي أحكام قضائية، ولم تُصدر النيابة العامة ضده مذكرة اعتقال.
الدكتور فهد العجلان أستاذ الدراسات الإسلامية في كلية التربية جامعة الملك سعود، اعتقل في نوفمبر 2021،بعد عام كامل من الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري تم الإفراج عنه في ديسمبر الجاري من قبل السلطات.
إخفاء ومماطلات
ضمن الأساليب التي تسلكها السلطات تجاه المتعقلين وذويهم، إخفاء من انتهت محكوميتهم في السجن؛وهذا ما حصل للدكتور المعتقل محمد بن فهد القحطاني الذي أنهى مدة سجنه 10 سنوات في نوفمبر الماضي، إلا أن السلطات نقلت القحطاني في 24 أكتوبر إلى مكان مجهول لم تعلن عنه. الأمر الذي جعل عائلته تطالب بمعرفة مكانه وظروفه الصحية. علماً بأن القحطاني، حُكم عليه في وقت سابق بالسجن 10 سنوات و 10 سنوات منع من السفر.
بنفس الألية تعاملت السلطات مع المعتقل يحي الوادعي، الذي قضى حكماً بالسجن 6 سنوات بعد حكم أصدرته المحكمة الجزائية المتخصصة في حقه وانتهت مدة سجنه، وكان من المقرر أن يفرج عنه إلا أن السلطات لا تزال تماطل في الإفراج عنه من وقت لآخر. الوادعي معتقل منذ يناير 2013 بسبب مطالبته بالافراج عن معتقلي الرأي.
ختاماً
الاعتقالات وتغليظ الأحكام القضائية في حق من انتهت محكوميتهم، لاتنفك تتجدد من حين لآخر، ولم تتغير كثيراً الممارسات التي تنتهجها السلطات تجاه أبناء المجتمع السعودي
إن مؤسسة ذوينا في -التقرير الحقوقي في السعودية- تدعو السلطات في السعودية إلى سرعة الإفراج عن جميع المعتقلين في سجونها من السياسيين والحقوقيين والأكاديميين والنشطاء. وتطالب السلطات السعودية إنهاء المعاناة المستمرة ضد معتقلي الراي وذويهم والمتمثلة في تزايد أعداد سجناء الرأي من الناشطين و السياسيين والحقوقيين والأكاديميين.
