شهدت المملكة أحداث كثيرة تتعلق بمعتقلي الرأي وحملات الاعتقال والإفراج عن بعضهم، وهو ما رصدته مؤسسة ذوينا، ضمن مساعيها المتواصلة في دعم حقوق الإنسان لاسيما حقوق المعتقلين وذويهم.
وكان شهر أغسطس المنصرم بحسب التقرير الحقوقي في السعودية، قد شهد جملة من المستجدات المهمة المتعلقة بأوضاع معتقلي الرأي وقضاياهم، في حين رصدت مؤسستنا جملة من الانتهاكات بحق المعتقلين وذويهم، منها الحرمان والاعتقال والتنكيل المتعمد والأحكام القاسية ونقض أحكام الإفراج.
وتبذل مؤسسة ذوينا جهودها الحقوقية باستمرار في مسعى منها لدعم حقوق المعتقلين وذويهم، والعمل من خلال التقرير الحقوقي في السعودية على إبراز القضايا الحقوقية، والعمل على ترسيخ مبدأ العدالة وصون الحقوق واحترام الحريات التي بدأت تسلب من قبل الجهات الحاكمة في البلاد.
اعتقالات متجددة حسب التقرير الحقوقي في السعودية
وخلال شهر أغسطس المنصرم، فقد شهدت السعودية جملة من الاعتقالات التعسفية التي طالت أشخاصاً بسبب تعبيرهم عن الرأي، وذلك من دون مبرر قانوني أو تهم تدينهم بجرائم واضحة، ومن بينهم:
أولا: هليل البلوي “إقبال”
تعرض رجل الأعمال الشهير هليل البلوي “إقبال” للاعتقال على يد أمن الدولة، وذلك بعد هجوم شنه الذباب الإلكتروني المقرب من النظام عقب لقاء إعلامي له بعد انقطاع طويل عن الظهور الإعلامي بسبب مضايقات الذباب الإلكتروني.
ثانيا: الإعلامي منصور الرقيبة ووالده
وخلال شهر أغسطس، فقد كُشف عن الأسباب الرئيسة التي أدت إلى اعتقال الإعلامي الشهير منصور الرقيبة، حيث كانت الوشاية التي اعتقل على أساسها، نُقلت عنه إلى النظام، من قبل أحد المشاركين معه في جلسة خاصة، بعد تسجيل حديثه فيها، حول أوضاع المملكة وانتقاده لها.
كما كشفت مصادر حقوقية عن تعرض والد الإعلامي منصور علي للاعتقال أيضا معه، وذلك لنفس الأسباب التي أدت إلى اعتقال نجله منصور، قبل أن يفرج عنه النظام مؤخرا.
ثالثا: رائد الأعمال الشاب عبدالله التويجري
وتعرض رائد الأعمال الشاب عبد الله التويجري للاعتقال التعسفي على يد أمن الدولة مع أصدقائه، حيث أن الشاب عبد الله قد تعرض للتوقيف مع اثنين من أصدقائه، على خلفية مشاركتهم في موكب ابن سلمان خلال زيارته إلى أنقرة، ورغم اعتقالهم من قبل السلطات التركية والتأكد من براءتهم من أي تهم أو اشتباهات حول دوافع مشاركتهم مع موكب ابن سلمان، إلا أن النظام السعودي قد اعتقلهم بعد عودتهم إلى المملكة.
وتزداد المخاوف على مصيره المجهول مع أصدقائه، في ظل غياب المعلومات حول أسباب الاعتقال وظروفه من قبل ذويه.
رابعا: أحد المشاركين في حفل الرياض
وأبدى شاب خلال حفل ترفيهي نظمته هيئة الترفيه بمدينة الرياض؛ رأيه واعتراضه حول الفساد المنتشر في الحفلات، وهو ما دفع عناصر النظام لاعتقاله بلا مبرر قانوني.
وشارك ناشطون وحسابات شهيرة على تويتر مقطعا مصورا يظهر فيه الشاب وهو يتلو آيات من القرآن الكريم، معبرا عن رأيه السلمي واعتراضه على الفساد المنتشر في الحفلات، في حين تعرض لمضايقات ومحاولات لإسكاته من قبل المسؤولين عن حماية الحفل.
نسائم الحرية
وتوالت بشائر الحرية على بعض أهالي معتقلي الرأي، بعد اعتقال ومعاناة وحرمان طالهم، حيث رصدت مؤسسة ذوينا أبرز الشخصيات التي خرجت من المعتقلات الحكومية خلال شهر أغسطس المنصرم، وهم:
أولا: عبد الله الدحيلان
عاد الكاتب المعتقل عبد الله الدحيلان إلى أهله سالما بعد اعتقال طاله قبل نحو 3 أعوام بسبب مواقفه الفكرية وتعبيره عن رأيه السلمي، وكان الدحيلان قد اعتقل من قبل عناصر أمن الدولة في حملة أبريل 2019م؛ بسبب رفضه للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
ثانيا: فيصل شودري
وبعد معاناة وحرمان استمر لأكثر من 5 أعوام، أفرج النظام السعودي عن الإعلامي الباكستاني فيصل شودري، حيث كان قد تعرض للاعتقال في سبتمبر 2017م، ضمن حملة اعتقالات واسعة شملت مجموعة كبيرة من المؤثرين في المجتمع السعودي.
ثالثا: موسى الخنيزي
وأفرج النظام خلال شهر أغسطس المنصرم عن الشاب والناشط على مواقع التواصل الاجتماعي موسى الخنيزي، بعد اعتقال جاء على خلفية التعبير عن الرأي، وأكدت مصادر حقوقية على إفراج النظام عن الخنيزي، بعد نحو 50 يوما من الاعتقال، والذي جاء على خلفية كلام له عن خطاب الكراهية وإثر حملة تحريضية عليه من الذباب الإلكتروني السعودي.
رابعا: مقبل الصقار
وبعد اعتقال طال الكاتب مقبل الصقار في أبريل 2019م، أفرج النظام عنه خلال الشهر المنصرم، حيث كان قد تعرض للاعتقال التعسفي على خلفية كتاباته التي تحاكي معاناة المرأة في المملكة، وحقوقها المهدورة أمام الدولة.
خامسا: أبو مطلق
وعاد مشهور السناب في المملكة أبو مطلق لأهله سالما من المعتقل، بعد أن تعرض للاعتقال في أبريل 2020م، بسبب تعبيره عن رأيه في مقاطع مصورة له.
سادسا: حبيب الخباز
كما أفرج النظام عن رجل الدين المعتقل حبيب الخباز، بعد اعتقال استمر منذ اكتوبر 2016م، بسبب التعبير عن الرأي، حيث تعرض الخباز للاعتقال على يد أمن الدولة قبل نحو 6 أعوام، بسبب انتقاده لسياسات الدولة في عهد ابن سلمان.
سابعا: عبد الوهاب الدويش
وتحرر الشاب عبد الوهاب الدويش من قيود النظام القمعي، وذلك بعد اعتقال طاله بسبب مطالباته بالكشف عن مصير والده المختفي في معتقلات النظام الداعية سليمان الدويش.
يذكر أن النظام لايزال يحتجز الداعية سليمان الدويش واثنين من اشقاءه عبد الرحمن ومالك، بسبب مطالباتهم بالكشف عن مصير والدهم المختفي داخل المعتقلات.
انتهاكات مستمرة
ويصر النظام على ممارسة مسلسل التنكيل والترهيب والقمع بحق المؤثرين بالمجتمع والمعبرين عن الرأي، حيث رصدت مؤسسة ذوينا في التقرير الحقوقي في السعودية الكثير من الأحداث التي انتهك بها النظام حقوق الإنسان والحريات والقوانين.
حيث أصدرت محكمة الاستئناف المتخصصة في الرياض، أحكاما طويلة وقاسية ضد المعتقلة نورة بنت سعيد القحطاني، والتي قضت بسجنها لمدة 45 عاما، على خلفية تهم تتعلق بالتعبير عن الرأي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقضى القضاء حكماً قاسيا بحق الشاب الداعية المعتقل محمد الجديعي، والذي يقضي بسجنه لمدة 18 عاما، حيث أصدرت محكمة الاستئناف المتخصصة في الرياض، حكما قاسيا بحق الداعية الشاب المعتقل محمد الجديعي، بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي.
ورغم حكم الإفراج الذي أقره القضاء السعودي بحق المعتقل الداعية عبد العزيز آل عبد اللطيف فقد نقضت محكمة الاستئناف حكم الإفراج وأصدرت أحكاما ضده بالسجن لـ 20 عاما.
وضمن مسلسل الأحكام القاسية التي لجأ إليها القضاء خلال شهر أغسطس وبشكل لافت، فقد أصدر حكم السجن بحق المعتقلة مها سليمان الحويطي يقضي بسجنها لمدة 23 عاما؛ بسبب التعبير عن الرأي في تغريدات لها عبر تويتر.
أصدرت المحكمة العامة السعودية حكمًا يقضي بالسجن لمدة 17 عامًا على الأمير تركي بن عبدالله، أمير الرياض السابق ونجل الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
وكان الأمير تركي قد تعرض للاعتقال عام 2017 بعد تولي ابن سلمان منصب ولي العهد السعودي، وبدء الاعتقالات تطال أبناء البلد.
وأكدت مصادر حقوقية على أن رجل الدين محمد الحبيب قد تعرض لإهمال صحي متعمد والحرمان من العلاجات اللازمة في المعتقل، الأمر الذي أدى إلى تدهور كبير في صحته.
وغلظت محكمة الاستئناف حكم الحبس بحق المعتقل الشيخ إبراهيم الناصر من 3 أعوام إلى 15 عاما، وأكدت المصادر على أن التغليظ جاء من قبل محكمة الاستئناف، بعد أن كانت 3 أشهر، ثم غلظتها إلى 3 سنوات، وفي الاستئناف الأخير زادت المدة إلى 15 سنة.
كما دعت منظمة العفو الدولية إلى ضرورة إنهاء قيود السفر التي يفرضها النظام السعودي ضد أشخاص كانوا قد تعرضوا للاعتقال، هم وأسرهم، مؤكدة على أن لجين الهذلول وعائلتها لا يزالوا يعانون من قيود السفر الحكومية التي حرمتهم من العيش بحرية ومنعت بعض أفراد عائلتها من العودة للمملكة.
وأصدر القضاء السعودي بحق الناشطة والأكاديمية المعتقلة سلمى الشهاب حكم السجن القاسي الذي يقضي بسجنها لمدة 34 عاما، بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، وهو ما أثار ردود أفعال محلية ودولية ودفع منظمات حقوقية بما فيها هيومن راتيس ووتش والعفو الدولية للمطالبة بالتراجع عن تلك الأحكام التي تمس حقوق الإنسان.
يذكر أن الشهاب من الناشطات والأكاديميات السعوديات التي تعرضت لحكم السجن القاسي والطويل ، وهي أم لطفلين، وأخصائية صحة الفم والأسنان، وطالبة دكتوراه في جامعة ليدز في بريطانيا، حيث كانت تقيم قبل احتجازها.
الخاتمة
وفي ظل القمع المستمر والانتهاكات التي يعاني منها ملف حقوق الإنسان والحريات في المملكة، فقد توالت الجهود الحقوقية من قبل المؤثرين في المجتمع والناشطين والمؤسسات المعنية، في سعي منها لترسيخ مبدأ العدالة ونصرة معتقلي الرأي المظلومين بسجون النظام.
وفي هذا السياق، تطالب مؤسسة ذوينا النظام السعودي بإنهاء القمع الوحشي وحملات الاعتقالات التي ينفذها بدوافع القمع وسلب الحريات، ويتراجع عن الأحكام القاسية التي يصدرها بحق الأبرياء –لاسيما المعبرين عن الرأي-، وينهي القمع والتنكيل والانتهاكات التي تطال معتقلي الرأي والمؤثرين في المجتمع والناشطين.