وراء كل قصة نجاح هناك معاناة وآلام وفي الطريق إلى الهدف المنشود عوائق ومثبطات لا يعرفها الآخرون. فالتضحية بالعمر من أجل قضية رأي ليس أمراً هيِّناً ففي الوقت الذي يعيشه الشباب في التحصيل العلمي وبناء النفس وتطويرها يضطر أبناء المعتقلين والمعتقلات لبذل مهجة أعمارهم في المطالبة بالإفراج عن ذويهم في السجون بسبب آراءهم فتصبح الحقوق العادية أمراً بالغ التعقيد، الأمر الذي جعل الكثير من ذوي المعتقلين يغادرون البلد بحثاً عن وطن يعبرون فيه عن آراءهم ويدافعون فيه عن ذويهم دون تعرضهم للسجن أو التنكيل.
وقصتنا هذه المرة مع الشاب العشريني المهندس ناصر بن عوض القرني الذي برز في الآونة الأخيرة مدافعاً عن والده الدكتور عوض القرني وعن جميع المعتقلين وكان قد تعرض للتحقيق أكثر من مرة بسبب الحديث عن اعتقال والده، حتى استطاع الخروج من البلد والوصول بأمان إلى بريطانيا ليستقر فيها ويواصل مشوار الكفاح الذي بدأه والده منذ 40 عاماً.
وكان أول ظهور له على الإعلام في أكتوبر 2022 من خلال حسابه على تويتر في فيديو شاهده مليونا شخص علق عليه بـ: (بسم الله.. أنا ناصر، والدي هو د. عوض القرني، المعتقل الذي تطالب النيابة العامة باعدامه، أعلن اليوم في هذا الفيديو أنني تمكنت من الخروج من البلد، والوصول إلى مكان آمن. خرجت من أجل الدفاع عن والدي، ولإنقاذ ما يمكن انقاذه في بلادي.) فأبرز قضية والده وأوصلها إلى العالم وأكد بأنه سيفعل ما يستطيع فعله وأنه لا يستطيع الانتظار صامتاً.
فسلطت الصحف والقنوات الضوء على قضية والده وجميع المعتقلين وأقامت كبرى صحف العالم العديد من اللقاءات معه كـ صحيفة بلومبيرغ الأميركية والغارديان البريطانية ووكالة الأنباء الفرنسية وCNN العربية وغيرها.
ولم يظهر أحد من عائلة الدكتور عوض القرني للدفاع عنه سوى ناصر، ولكنه صوت كافة الأسرة والمعبر عنهم في محنتهم هذه، بل وصوت كل ذوي المعتقلين الذين لا يستطيعون الحديث أو التعبير عن مكنوناتهم، فقد استطاع أن يصف المعاناة بالتفاصيل سواء في الحياة اليومية في ظل غياب المعيل أو في زيارة والدهم إلى السجن وقسوة الإجراءات المتَّبعة.
والقصة لم تنته بعد فلا يزال ناصر القرني مستمراً في الإطلال على الناس رافعاً صوته في الدفاع عن والده وعن جميع المعتقلين في السجون، فأساس النجاح أن يستمر الساعي إلى هدفه دون توقف حتى ولو لم يصل إلى الهدف سريعاً.