لا يزال عبد الرحمن السدحان، يقبع خلف القضبان في سجون سلطات المملكة، منذ مارس/ آذار 2018، في ظل قصص معاناة تنطوي على سجل حياة معتقلي الرأي داخل البلد.
قصة الناشط السعودي، عبد الرحمن السدحان، قد تكون مؤلمة، فبداياتها لم تكن قصة اعتقال، بل كانت اختطاف ممنهجة، لتبدأ مرحلة تاريخية في حياته، تملأها المعاناة خلف القضبان، وسط ترقب واهتمام من قبل ذويه ومحبيه وناشطي المملكة.
اختطاف واخفاء
لم تكن بداية اعتقال، الناشط عبد الرحمن السدحان، رسمية أو اعتقال اعتيادي كما هو معروف، بل وُصفت بأنها عملية اختطاف ممنهجة.
حيث تعرض السدحان في 12 مارس/ آذار 2018م، لعملية اختطاف من مكان عمله في الصليب الأحمر السعودي، وذلك من دون مذكرة رسمية أو تُهم موجهة ضده.
ووفق تصريحات لشقيقته، أريج، فقد قالت، “كان مذهلاً أن يصل إلينا أخيراً خبر من أخي، إذ عرفنا على الأقل أنه على قيد الحياة”.
وبعد شهر من عملية الاختطاف، أخبرت العائلة باعتقال عبدالرحمن، لكن ذوي السدحان فشلت في الوصول إلى معلومات عنه قرابة عامين، حتى وصلت إليهم مكالمة قصيرة لم تتجاوز الدقيقة معه.
وفي السياق ذاته، تقول أريج في حينها: “سمعنا خلال المكالمة صوتاً يقول له إن الدقيقة انتهت، وقُطع الاتصال على الفور، وعمّ الصمت، ومن الطريقة التي جرت بها المكالمة، شعرت بأنه في ظروف قاسية”.
تعذيب وإخفاء
يمكن وصف عملية الاعتقال على أنها اختطاف واختفاء، حيث بدأت العملية بلا تصريح قانوني، ولم يكشف عن مكانه، سوى تبليغ ذويه بعد شهر من العملية، على أنه محتجز لدى السلطات، لتستمر الحالة من دون أية معلومات أو اتصال، سوى لدقيقة واحدة.
ليس هذا فحسب، فإن شقيقة “السدحان” قد أكدت على أن السلطات لم تعطهم أي أسباب حول اعتقاله أو اختفاءه، ولم يتم السماح لهم بتعيين محامي، وحتى الزيارات كانت دائماً تقابل بالرفض والتجاهل من قبلهم.
وبعد عام على الحادثة، خرجت شقيقة عبد الرحمن، أريج السدحان، عن صمتها وكشفت عن معلومات بشأن اعتقال شقيقها ومعاناته تحت التعذيب الوحشي، -حسب قولها-، في حين طالبت المعنيين بمساعدتها عبر نشر تصريحاتها للضغط على السلطات من أجل الكشف عن مصير شقيقها.
وكشفت أريج في سلسلة تغريدات نشرتها على حسابها بموقع تويتر، أن عبد الرحمن قد اختفى منذ أكثر من عام وحتى اليوم لم نستطع التواصل معه أو معرفة أخباره، مشيرة إلى أنه في العام الماضي وفي شهر مارس ٢٠١٨ قام مجموعة من الرجال بمداهمة مكتبه في مقر عمله في الهلال الأحمر السعودي واقتادوه لجهة مجهولة بدون أي مذكرة اعتقال او تهمة.
متى ينتصر بقضيته؟
بعد نحو عامين على انعدام أخبار عن عبد الرحمن، وسط خوف وترقب عاشته عائلة “السدحان”، وشكوك على مصير ابنهم، لعدم إفصاح السلطات عن مصيره؛ تمكنت العائلة من زيارته في فبراير 2020م والاطمئنان على وضعه الصحي.
وبهذا السياق، أكّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في حينها على سماح السلطات السعودية للناشط عبد الرحمن السدحان بإجراء مكالمة هاتفية مع ذويه بعد 23 شهرًا من الإخفاء القسري، وإبلاغهم أنّه “على قيد الحياة”.
وطوال تلك المدة، لم تكشف عن جلسات محاكمات للمحتجز عبد الرحمن، لكن كشفت شقيقته الناشطة “أريج”، عن بدء المحاكمة الأولى له في 3 فبراير/ مارس الجاري، بعد 3 أعوام على احتجازه.
وتلى الجلسة الأولى، جلسة جديدة بالمحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض “محكمة الإرهاب” في 17 فبراير/ مارس الجاري، جلسة محاكمة جديدة للناشط الحقوقي المعتقل عبد الرحمن.
وبهذا السياق، كانت شقيقة “السدحان”، أريج، قد كتبت عبر حسابها بـ ”تويتر”، قبل يوم من الجلسة، قائلة: “جلسة الغد لن تكون عادلة أو مستقلة، ومن المتوقع أن يقدم المحامي الذي عينته المحكمة الرد الذي يريد المسؤولون السعوديون سماعه”.
أمل وترقب
يذكر أن أريج، قد قالت عبر صفحتها الرسمية على “تويتر”، أواخر الشهر الماضي: “الحمد لله بشارة خير، أخوي عبدالرحمن اتصل على أهلي بالرياض أخيرا، ثاني اتصال من قرابة 3 سنين اختفاء”، ولم يرد أي تأكيد رسمي لقرب الإفراج عن السدحان.
يذكر أن عبد الرحمن السدحان، لم يكن معروف عليه أن له نشاط حقوقي أو معارض في المملكة، وهو البالغ من العمر 38 عاما، يعمي موظفا في هيئة الهلال الأحمر السعودي، ووفق اتهام السلطات، فإن الاحتجاز جاء على خلفية إدارته حسابا باسم وهمي في “تويتر”.
يستمر ملف عبد الرحمن السدحان في غموض ومماطلة من قبل السلطات، وسط ترقب لانفراجة قد تكون قريبة، بعد 3 أعوام على اختفاءه ومنع ذويه من التواصل او الزيارة، لتبدأ محاكماته وتعيد روح التفاؤل بالافراج والانتصار لقضيته، بجانب كفاح ذوي معتقلي الرأي في المملكة، من أجل الانتصار لقضايا أبنائهم والناشطين أجمع.