كان لتحركات الناشطة الحقوقية السعودية “لجين الهذلول”، السبب الرئيس في اشتهار قصة هذه العائلة، في مسيرة حافلة من الكفاح والتحديات، والتي هدفت إلى السعي لإيصال صوت ابنتهم لجين، لغرض الانتصار في قضيتها.
وبعد نحو عقد على النشاطات البارزة والمستمرة للهذلول، تعرضت للاعتقال، لتبدأ قصة كفاح عائلتها من الأب والأم والشقيق والشقيقات، ليفتحوا باب السعي على المستوى الدولي لأجل مواجهة السلطات بجانب قضية لجين وقريناتها.
نشاطات تواجهها اعتقالات
برز دور الناشطة الحقوقية “لجين الهذلول” في الساحة السعودية، في مقتبل عمرها، حينما كانت تدرس الأدب الفرنسي بجامعة بريتش كولومبيا في فانكوفر بكندا، حيث كانت تسعى بشكل متواصل لتغيير الكثير من القوانين والمفاهيم، حتى بدأت تواجه التحدي الأكبر في قضيتها.
وخلال عام 2012، ومع بروزها على الساحة في المملكة، ونشاطاتها الحقوقية المتعددة، كانت تعد مرحلة مهمة في نشاط الهذلول بمواجهة القوانين والمفاهيم، لتبدأ مسيرة الكفاح في نشاطها الحقوقي.
واعتقلت لجين في 29 نوفمبر من عام 2014، لتمضي 73 يوما داخل السجن، بينما كانت المحاكم تنظر في توجيه تهمة تقويض الأمن الوطني لها بموجب قوانين محاربة الارهاب بسبب نشاطها المطالب بالإصلاح القانوني لصالح المرأة السعودية.
واستمرت المضايقات حتى اعتقالها مجددا في الإمارات بشهر آذار/ مارس 2018، وتسفيرها إجبارا لبلدها، لتبقى في إقامة جبرية مع عائلتها ومنعها من السفر.
ولم تلبث كثيرا، حتى اعتقلت مجددا في 18 مايو/ أيار 2018، بحسب ما أعلنت عنه وكالة الأنباء السعودية الرسمية، التي أكدت على أنّ رئاسة أمن الدولة ألقت القبض على 7 أشخاص بتهمة التواصل مع جهات أجنبية مشبوهة وكانت لجين من ضمنهم، لتقبع في السجن لـ 3 أعوام، حتى الافراج عنها مطلع فبراير 2021م، نتيجة مسيرة حافلة قضاها أفراد عائلة الهذلول، على المستوى المحلي والدولي، لأجل الحصول على حرية ابنتهم والانتصار لقضيتها.
البحث عن الحرية
عرف على عائلة الهذلول أنها من العائلات السعودية النشطة التي تبحث عن الحرية والسعي في نشاطاتها الحقوقية لصالح الشعب في المملكة.
أما عن والدها، فقد كان ضابطا في البحرية الملكية السعودية، ووقف بجانبها في حملتها للمطالبة بحقوق المرأة والتعديل على القوانين.
ولم تغب شقيقات لجين الهذلول، علياء ولينا، خلال فترة اعتقالها، وكذلك شقيقها وليد، حيث كانوا يمارسون كل ما يملكون من أدوات للضغط على السلطات السعودية، والمنظمات المعنية، لغرض الإفراج عن شقيقتهم لجين، والانتصار لقضيتها بشتى السبل.
لينا.. لقاءات من أجل حرية لجين
بذلت لينا قصارى جهدها من أجل الحرية التي فقدتها شقيقتها لجين الهذلول، حيث بدأت نشاطها بدعم شقيقتها، عبر تنظيم لقاءات متعددة، بغية إيصال صوتها وصوت لجين، وقضيتها.
وكانت من بين أبرز ما شاركته في هذه المسيرة، لقاءها مع بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي أواخر سبتمبر من عام 2019، وكانت تهدف في هذه اللقاءات إيصال قصة شقيقتها ومعاناتها، للحصول على وسيلة ضغط للسلطات في المملكة للإفراج عنها.
ولم تتوقف لينا، بهذه اللقاءات، بل سعت جاهدة في الاستمرار في نشاطها حتى آخر لحظة، فقد شاركت بمؤتمر “نساء من العالم” الذي نظم في ولاية نيويورك الأمريكية، وألقت كلمة متحدثة فيها عن معاناة شقيقتها لجين، داخل الزنزانة.
وفي السياق ذاته، أجرت لينا، لقاءات صحفية ومقابلات تلفزيونية عديدة، طالبت خلالها بضرورة الانتصار لقضية لجين، والبحث لمخرج حقيقي لما تعانيه من مضايقات وحرمان سلبت منها الحرية.
من المحافل الدولية إلى الإعلام
ولم تقتصر النشاطات والسعي والمطالبات للإفراج عن لجين، وحصولها على الحرية الكاملة؛ على مسيرة لينا، بل كان هنالك دورا فعال لشقيقة لجين الثانية “علياء”، وكذلك شقيقهن وليد.
حيث كانت علياء الهذلول، لها جهود بارزة في السعي للحصول على الحرية للجين والانتصار لقضيتها، فقد عملت على فضح ما تعرضت له شقيقتها من انتهاكات وتعذيب جسدي ونفسي، عبر لقاءاتها بوسائل إعلام عالمية أمريكية وأوروبية.
وفي المسيرة ذاتها، يأتي دور وليد شقيق لجين الهذلول، ليبرز في المحافل الدولية، ساعيا من خلالها إيصال معاناة شقيقته، وقضيتها، للحصول على الدعم الدولي لصالحهم، بدءا بالإفراج عنها وحتى حصولها على الحرية والانتصار لقضيتها ونشاطها.
وفي هذه المسيرة التي يخطي عليها وليد، أدلى بشهادة أمام الكونغرس الأمريكي، واتهم السلطات في المملكة السعودية، بممارسة التعذيب الوحشي ضد شقيقته، كاشفا عن الصفقة التي عرضتها السلطات على “لجين” مقابل الإفراج عنها، وهي استدراج بعض الناشطات من خارج الوطن لاعتقالهن.
تغريدات من أجل الحرية
ومن بين الأساليب التي استخدمتها، عائلة الهذلول، كانت التغريدات التي لها الصدى الإعلامي الكبير على المستوى الدولي، فقد كان أشقاء الهذلول، يستخدمون حساباتهم النشطة على موقع تويتر، بغية إيصال قضية شقيقتهم لجين، وما تعانيه.
وخاض الأشقاء معركة إعلامية شرسة، ضد سياسة قضاء النظام وتسييس قراراته داخل المملكة، وكذلك ضد الصحف والمنصات والحسابات والجهات التي كانت بالضد من لجين وقضيتها.
وكان لوالد لجين الهذلول، دور بارز في الانتصار لقضيتها، فلم يقتصر جهود العائلة على أشقائها، حيث أطلق والدها في ديسمبر 2018، نداء استغاثة لما تتعرض له ابنته عبر تغريدة قال فيها: مجرد سواليف بنكهة التاريخ، فتاة عمورية استصرخت بالمعتصم وحفرت صرختها “وامعتصماه” على جبين التاريخ، كثرت روايات أسباب الصرخة، لكن أكيد لم تصعق بالكهرباء، ولم تحبس حبسا انفراديا أكثر من أربعة أشهر، ولم يتحرش بها جنسيا ، ولم تهدد بالاغتصاب والقتل بعد ذلك.
وكانت حسابات شقيقتا لجين وشقيقهن وليد على موقع تويتر، سجلا هاما لتدوين نشاطهم انتصارا للجين، حتى أصبح ذلك الجهد موقفا مشرفا من حقهم أن يفتخروا به، حيث أثنى معظم الناشطين والإصلاحيين على إصرار أشقاء لجين حتى إحقاق الحق والإفراج عنها.
الكفاح أداة الحرية
وتبقى عائلة الهذلول، ما بين مغترب محروم من زيارة بلده خوفا من المضايقات، وما بين محبوس داخل المملكة العربية السعودية بأمر إجباري من السلطة القضائية، وسط تحديات وكفاح مستمر لمواجهة قضية لجين وعائلتها، وملف المرأة السعودية بأكمله، ومعتقلي الرأي والناشطين.
وتعد أفراد عائلة لجين الهذلول، ونشاطهم البارز على مر السنين السابقة، ومنذ أن بدأت المضايقات والاعتقالات تلاحق ابنتهم لجين؛ مسيرة حافلة يحتذى بها، ونموذج مشرف يسير على خطاهم ذوي الناشطين ومعتقلي الرأي بأكملهم، بغية دعم ذويهم بشتى الوسائل والأدوات حتى الانتصار للحق، وتحقيق أهدافهم، وحصولهم على الحرية التي هي حق لكل انسان على هذه الأرض بلا استثناء.